للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمنافقين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ﴾، أي: كما يتناجى به الجهلة من كفرة أهل الكتاب ومن مالأهم على ضلالهم من المنافقين، ﴿وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيهِ تُحْشَرُونَ﴾، أي: فيخبركم بجميع أعمالكم وأقوالكم التي قد أحصاها عليكم، وسيجزيكم بها.

وقال الإِمام أحمد: حدثنا بَهز وعفان؛ قالا: أخبرنا همام، حدثنا قتادة، عن صفوان بن محرز؛ قال: كنت آخذًا بيد ابن عمر، إذ عرض له رجل، فقال: كيف سمعت رسول الله يقول في النجوى يوم القيامة؟ قال: سمعت رسول الله ؛ يقول: "إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كَنَفه ويستره من الناس، ويقرّره بذنوبه، ويقول له: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ حتى إذا قَرّره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه قد هلك، قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم. ثم يُعطى كتابَ حسناته، وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد: ﴿هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ (٢٦). أخرجاه في الصحيحين من حديث قتادة (٢٧).

ثم قال تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيسَ بِضَارِّهِمْ شَيئًا إلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ أي: إنّما النجوى - وهي المُسَارّة - حيث [يتوهم منها مؤمن] [١] سوءًا ﴿مِنَ الشَّيطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾، يعني: إنّما يصدر هذا من المتناجين [٢] عن تسويل الشيطان وتزيينه، ﴿لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾، أي: ليسوءهم، وليس ذلك بضارهم شيئًا إلا بإذن الله، ومن أحس من ذلك شيئًا فليستعذ بالله، وليتوكل على الله؛ فإنه لا يضره شيء، بإذن الله.

وقد وردت السنة بالنهي عن التناجي، حيث يكون في ذلك تأذ [٣] على مؤمن. كما قال الإمام أحمد:

حدثنا وكيع وأبو معاوية؛ قالا: حدثنا الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله بن


(٢٦) - أخرجه أحمد (٢/ ٧٤) (٥٤٣٦).
(٢٧) - البخاري في باب التفسير، باب: ﴿وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ حديث (٤٦٨٥) (٨/ ٣٥٣)، وفي كتاب الأدب (٦٠٧٠) (١٠/ ٤٨٦). ومسلم في كتاب: التوبة، باب: قبول توبة القاتل، وإن كثر قتله، حديث (٥٢/ ٢٧٦٨) (١٧/ ١٣٥).