للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه الترمذي وقال: حسن صحيح (٦١).

وقوله: ﴿إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾، أي: إن علمه تعالى الأشياء قبل كونها وكتابته لها طبق ما يوجد في حينها، سهل على اللَّه ﷿ لأنه يعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون.

وقوله: ﴿لِكَيلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾، أي: أعلمناكم بتقدم علمنا وسبق كتابتنا للأشياء قبل كونها، وتقديرنا الكائنات قبل وجودها، لتعلموا أن ما أصابكم لم يكن ليخطئكم، وما أخطاكم لم يكن ليصيبكم، فلا تأسوا على ما فاتكم، فإنه لو قدر شيء لكان ﴿وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾، [أي] [١]: جاءكم، ويقرأ ﴿آتَاكُمْ﴾، أي أعطاكم. وكلاهما متلازم، أي: لا تفخروا على الناس بما أنعم اللَّه به عليكم، فإن ذلك ليس بسعيكم ولا كدكم، وإنما هو عن قدر [اللَّه ورزقه لكم، فلا تتخذوا نعم اللَّه أشرًا وبطرًا، تفخرون بها على الناس، ولهذا] [٢] قال: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾، أي: مختال في نفسه، متكبر ﴿فَخُورٍ﴾، أي: على غيره.

وقال عكرمة: ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن، ولكن اجعلوا الفرح شكرًا، والحزن صبرًا.

ثم قال: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾، أي: يفعلون المنكر ويحضّون الناس عليه، ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ﴾، أي: عن أمر اللَّه وطاعته، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾، كما قال موسى : ﴿إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾.

﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيبِ إِنَّ اللَّهَ قَويٌّ عَزِيزٌ (٢٥)

يقول تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ﴾، أي: بالمعجزات، والحجج الباهرات،


(٦١) - سنن الترمذي، كتاب: القدر، باب: (١٨)، حديث (٢١٥٧) (٦/ ٣٢٦).