للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكأنما يضرب ظهره بشوك الطّلح جاءه سهم غرب فقتله، فذاك في الدرجة الثانية. والثالث: رجل مؤمن خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا لقي العدو فصدق اللَّه حتى قتل، فذاك في الدرجة الثالثة. والرابع: رجل مؤمن أسرف على نفسه إسرافًا كثيرًا، لقي العدو فصدق اللَّه حتى قتل، فذاك في الدرجة الرابعة" (٥٠).

وهكذا رواه عليّ بن المديني، عن أبي داود الطيالسي، عن ابن المبارك، عن ابن لهيعة (٥١)، وقال: هذا إسناد مصري صالح، ورواه الترمذي من حديث ابن لهيعة وقال: حسن غريب (٥٢).

وقوله: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾: لما ذكر السعداء ومآلهم، عطف بذكر الأشقياء وبيَّن حالهم؛ فقال [١]:

﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَينَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إلا مَتَاعُ الْغُرُورِ (٢٠) سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢١)

يقول تعالى مُوهّنًا أمر الحياة الدنيا، ومحقّرًا لها: ﴿أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَينَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ﴾. أي: إنما حاصل أمرها عند أهلها هذا، كما قال: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾


(٥٠) - المسند (١/ ٢٣). وفي إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف. وأبو يزيد الخولاني: مجهول. وضعفه الألباني في الضعيفة (٢٠٠٤).
(٥١) - مسند الطيالسي (٢٠) برقم (١٣٣).
(٥٢) - سنن الترمذي في كتاب: فضائل الجهاد، باب: ما جاء في الشهداء عند اللَّه، حديث (١٦٤٤) (٥/ ٣٦٠ - ٣٦١). كلاهما من طريق أبي يزيد الخولاني وقد تقدم الكلام عليه في الذي قبله.