للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العبقري: الديباج وسُئل الحسن البصري عن قوله: ﴿وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ﴾، فقال: هي بُسُط أهل الجنة - لا أبا لكم - فاطلبوها.

وعن الحسن رواية: أنها المرافق. وقال زيد بن أسلم: العبقري: أحمر وأصفر وأخضر. وسئل العلاء بن زيد عن العبقري فقال: البسط أسفل من ذلك. وقال أبو حَرْزَة [١] يَعقوب بن مجاهد: العبقري: من ثياب أهل الجنة، لا يعرفه أحد. وقال أبو العالية: العبقري: الطنافس المُخملَة، إلى الرّقة ما هي.

وقال القُتيبي: كل ثوب مُوشي عند العرب عبقري. وقال أبو عُبيدة: هو منسوب إلى أرض يعمل بها الوشي وقال الخليل بن أحمد: كل شيء يُسر من الرجال وغير ذلك يسمى عند العرب عبقريًّا. ومنه قول النبي في عمر: "فلم أر عبقريًّا يَفْري فَرْيه" (٥١).

وعلى كل تقدير فصفة [مرافق] [٢] أهل الجنتين الأوليين أرفعُ وأعلى من هذه الصفة، فإنه قد قال هناك: ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ﴾، فنعت بطائن فرشهم وسكت عن ظهائرها، اكتفاءً بما مَدَح به البطائن بطريق الأولى والأحرى.

وتمام الخاتمة أنه قال بعد الصفات المتقدمة: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إلا الْإِحْسَانُ﴾ فوصف أهلها بالإِحسان وهو أعلى المراتب والنهايات. كما في حديث جبريل لما سأل عن الإسلام، ثم الإِيمان، ثم الإِحسان (٥٢). فهذه وجوه عديدة في تفضيل الجنتين الأوليين على هاتين الأخريين، ونسأل الله الكريم الوهاب أن يجعلنا من [أهل] [٣] الأوليين.

ثم قال: ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾، أي: هو أهل أن يجل فلا يعصى، وأن يكرم فيعبد، ويشكر فلا يكفر، وأن يَذكر فلا ينسى.

وقال ابن عباس: ﴿ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾: ذو العظمة والكبرياء.


(٥١) - أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، حديث (٣٦٣٣) (٦/ ٦٣٠) وأطرافه في [٣٦٧٦، ٣٦٨٢، ٧٠١٩، ٧٠٢٠]. ومسلم في كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل عمر، حديث (١٩/ ٢٣٩٣) (١٥/ ٢٣١).
(٥٢) - تقدم تخريجه في تفسير قول الله ﷿ من سورة الحجرات: ﴿قَالتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا﴾ الآية.