للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي حاتم.

﴿وَجَنَى الْجَنَّتَينِ دَانٍ﴾، أي: ثمرهما [١] قريب إليهم، متى شاءوا تناولوه [٢]، على أي صفة كانوا، كما قال: ﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾ وقال: ﴿وَدَانِيَةً عَلَيهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا﴾ أي: لا تمتنع ممن [٣] تناولها، بل تنحط إليه من أغصانها، ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.

ولما ذكر الفرش وعظمتها قال بعد ذلك: ﴿فِيهِنَّ﴾، أي: في الفرش ﴿قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾، أي: غضيضات عن غير أزواجهن، فلا يرين شيئًا أحسن في الجنة من أزواجهن. قاله ابن عباس، وقتادة، وعطاء الخراساني، وابن زيد.

وقد ورد أن الواحدة منهن تقول لبعلها: والله ما أرى في الجنة شيئًا أحسن منك، ولا في الجنة شيء أحب إليَّ منك، فالحمد لله الذي جعلك لي وجعلني لك (٣٠).

﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ﴾، أي: بل هن أبكار عُرُبٌ أتراب، لم يطأهن [أحد] [٤] قبل أزواجهن من الإِنس والجن. وهذه أيضًا من الأدلة على دخول مؤمني الجن الجنة.

قال أرطاة بن المنذر: سئل ضمُرة بن حبيب: هل يدخل الجن الجنة؟ قال: نعم وينكحون، للجن جنيات، وللإنس إنسيات. وذلك قوله: ﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.

ثم قال ينعتهن للخطاب: ﴿كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ﴾، [قال مجاهد، والحسن، وابن زيد، وغيرهم: في صفات الياقوت وبياض المرجان] [٥]. فجعلوا المرجان هاهنا اللؤلؤ.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن حاتم، حدثنا عَبيدة بن حُميد، عن عطاء بن السائب، عن عمرو بن ميمون الأودي، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي قال: "إن المرأة من [نساء] [٦] أهل الجنة ليُرى بياض ساقها من وراء سبعين حُلَّة من الحَرير [٧]، حتى يرى مخّها] [٨] وذلك أن الله تعالى يقول: ﴿كَأَنَّهُنَّ


(٣٠) - هو جزء من حديث ذكره المنذري في الترغيب والترهيب (٤/ ٤٤٢ - ٤٤٣) وعزاه إلى أبي يعلى والبيهقي من رواية إسماعيل بن رافع أبي رافع، انفرد به عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن محمد =