للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنافق فيتعلق حتى إذا بلغ أوسطه خَرَّ من قدمه فيهوي بيده إلى قدميه". قالت: فهل رأيت من يسعى حافيًا فتأخذه شوكة حتى تكاد تنفذ قدميه، فإنها كذلك، يهوي بيده ورأسه إلى قدميه، فتضربه الزبانية بخطاف في ناصيته وقدمه، فتقذفه في جهنم، فيهوي فيها مقدار خمسين عامًا. قلت: ما ثقل الرجل؟ قالت: ثقل عشر خَلِفات سمان [١]، فيومئذٍ يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام (١٩).

هذا حديث غريب، وفيه ألفاظ منكر رفعها، وفي الإسناد من لم يسم، ومثله لا يحتج به، والله أعلم.

وقوله: ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ﴾، أي: هذه النار التي كنتم تكذبون بوجودها ها هي حاضرة تشاهدونها عيانًا؛ يقال لهم ذلك تقريعًا وتوبيخًا وتصغيرًا وتحقيرًا.

وقوله: ﴿يَطُوفُونَ بَينَهَا وَبَينَ حَمِيمٍ آنٍ﴾، أي: تارة يُعَذّبون في الجحيم، وتارة يسقون من الحميم، وهو الشراب الذي هو كالنحاس المذاب يقطع الأمعاء والأحشاء. وهذه كقوله تعالى: ﴿إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ﴾ وقوله: ﴿آنٍ﴾، أي: حار قد [٢] بلغ الغابة في الحرارة، لا يستطاع من شدة ذلك.

قال ابن عباس في قوله: ﴿يَطُوفُونَ بَينَهَا وَبَينَ حَمِيمٍ آنٍ﴾ أي: قد انتهى غليه واشتدَّ حرّه .. وكذا قال مجاهد، وسعيد بن جبير، والضحاك، والحسن، والثوري، والسدي.

وقال قتادة: قد أنى [٣] طبخه منذ خلق الله] [٤] السماوات والأرض. وقال محمد بن كعب القرظي: يؤخذ العبد فيحرَّكُ بناصيته في ذلك الحميم، حتى يذوب اللحمُ ويبقى العظمُ والعينان في الرأس، وهي كالتي يقول الله تعالى: ﴿فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ﴾. والحميم الآن: يعني الحار. وعن القرظي رواية أخرى: ﴿حَمِيمٍ آنٍ﴾، أي: حاضر. وهو قول ابن زيد أيضًا، والحاضر، لا ينافي ما روي عن القرظي أولًا أنه الحار، كقوله تعالى: ﴿تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ﴾، أي: حارّة شديدة الحر لا تستطاع وكقوله: ﴿غَيرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾، يعني استواءه ونضجه. فقوله: ﴿حَمِيمٍ آنٍ﴾، أي: حميم حار جدًّا. ولما كان معاقبة العصاة المجرمين وتنعيم المتقين من فضله ورحمته وعدله ولطفه بخلقه، وكان إنذاره لهم عذابه وبأسَه مما [٥] يزجرهم عما هم فيه من الشرك


(١٩) - إسناده ضعيف لجهالة الراوي عن عائشة.