للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (٤٧) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨) إِنَّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩) وَمَا أَمْرُنَا إلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٥١) وَكُلُّ شَيءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (٥٣) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (٥٥)

يخبر [١] تعالى عن المجرمين أنهم في ضلال عن الحق، وسُعُر مما هم فيه من الشكوك والاضطراب في الآراء، وهذا يشمل كل من اتصف بذلك من كافر ومبتدع [٢] من سائر الفرق.

ثم قال: ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ﴾، أي: كما كانوا في سُعُر وشك وتردد أورثهم ذلك النار، وكما كانوا ضلالًا سحبوا [٣] فيها على وجوهم، لا يدرون أين يذهبون، ويقال لهم تقريعًا وتوبيخًا: ﴿ذُوقُوا مَسَّ سَقَر﴾.

وقوله: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾، كقوله: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ وكقوله: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ أي: قدر قدرًا، وهدى الخلائق إليه. ولهذا يستدل بهذه الآية الكريمة أئمةُ السنة على إثبات قَدَر الله السابق لخلقه، وهو علمه الأشياء قبل [٤] كونها، وكتابته لها قبل برئها [٥]، وردوا بهذه الآية وبما شاكلها من الآيات، وما ورد في معناها من الأحاديث الثابتات على الفرْقة القَدَرية الذين نبغوا في أواخر عصر الصحابة، وقد تكلمنا على هذا المقام مفصلًا، وما ورد فيه من الأحاديث في شرح "كتاب الإيمان" من "صحيح البخاري" ولنذكر هاهنا الأحاديث المتعلقة بهذه الآية الكريمة.

قال أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان [٦] الثوري، عن زياد بن [٧] إسماعيل السهمي، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن أبي هُرَيرة قال: جاء مشركو قريش إلى النبي صلى الله


[١]- في ت: يخبرنا.
[٢]- في ز: مبتدع.
[٣]- في خ: يسحبون.
[٤]- سقط من ز، خ.
[٥]- في خ تبرمها.
[٦]- سقط من خ.
[٧]- في ز، خ: عن.