للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي عَمْرَة؛ قال: كان بشْر بن غالب ولَبِيد بن عطارد -أو بشر بن عطارد ولبيد بن غالب- وهما عند الحجاج جالسان - فقال بشر بن غالب للبيد بن عُطارد: نزلت في قومك بني تميم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ﴾، قال: فذكرت ذلك لسعيد بن جبير فقال: أما إنه لو علم بآخر الآية أجابه: ﴿يمنون عليك أن أسلموا﴾، قالوا: أسلمنا، ولم يقاتلك [١] بنو أسد.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن علي الباهلي، حدثنا المعتمر بن سليمان: سمعت داود الطفاوي [٢] يحدّث عن أبي مسلم البجلي، عن زيد بن أرقم؛ قال: اجتمع أناس من العرب فقالوا: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل، فإن يك نبيًّا فنحن أسعد [الناس به] [٣]، وإن يك مَلِكًا نَعشْ بجناحه. قال: فأتيت رسول الله فأخبرته بما قالوا، فجاءوا إلى حجرته فجعلوا ينادونه وهو في حجرته: يا محمد؛ يا محمد؛ فأنزل الله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾. قال: فأخذ رسول الله [بأذني فَمَدّها فجعل] [٤] يقول: "لقد صدق الله قولك يا زيد؛ لقد صدق الله قولك يا زيد" (٢١).

ورواه ابن جرير، عن الحسن بن عرفة، عن المعتمر بن سليمان، به (٢٢).

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (٦) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧)

يأمر تعالى بالتثبت في خبر [٥] الفاسق ليُحتَاطَ له، لئلا يحكم بقوله فيكون - في نفس الأمر - كاذبًا أو مخطئًا فيكون الحاكم بقوله قد اقتفى وراءه. وقد نهى الله عن اتباع سبيل


(٢١) - داود الطفاوي، وهو داود بن راشد بن بحر الطفاوي: لين الحديث. وأبو مسلم البجلي، قال الحافظ في التقريب: مقبول.
(٢٢) - أخرجه الطبري (٢٦/ ١٢١).