للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيهِمْ لَكَانَ خَيرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)

ثم إنه تعالى ذَمّ الذين، ينادونه من وراء الحجرات، وهي بيوت نسائه، كما يصنع أجلاف الأعراب، فقال: ﴿أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾.

ثم أرشد إلى الأدب في ذلك فقال: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾، أي: لكان لهم في ذلك الخيرَةُ والمصلحة في الدنيا والآخرة.

ثم قال داعيًا لهم [١] إلى التوبة والإِنابة: ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

وقد ذُكر أنها نزلت في الأقرع بن حابس التميمي فيما أورده غير واحد، قال الإِمام أحمد:

حدثنا عفان، حدثنا وُهَيب، حدثنا موسى بن عقبة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن الأقرع بن حابس أنه نادى رسول الله [من وراء الحجرات] [٢] فقال: يا محمد؛ يا محمد - وفي رواية: يا رسول الله - فلم يجبه. فقال: يا رسول الله؛ إن حمدي لزين، وإن ذمي لشين، فقال [٣]: "ذاك الله ﷿" (١٩).

وقال ابن جرير: حدثنا أبو عمار [٤] الحسين بن حريث المروزي، حدثنا الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، عن أبي إسحاق، عن البراء في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ﴾ قال: جاء رجل إلى رسول الله فقال: يا محمد؛ إن حمدي زين وذمي شين. فقال: "ذاك الله ﷿" (٢٠).

وهكذا ذكره الحسن البصري، وقتادة مرسلًا.


(١٩) - صحيح لغيره، أخرجه أحمد (٣/ ٤٨٨)، والطبراني (١/ ٣٠٠) (٨٧٨). كلاهما من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن الأقرع بن حابس به. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ١١١): رواه أحمد والطبراني وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح؛ إن كان أبو سلمة سمع من الأقرع وإلا فهو مرسل كإسناد أحمد الآخر. ويشهد له حديث البراء بن عازب الآتي بعده.
(٢٠) - أخرجه الطبري (٢٦/ ١١٢١). والترمذي في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الحجرات، برقم (٣٢٦٣) (٩/ ١٩)، والنسائي في الكبرى، في كتاب التفسير باب: قوله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ برقم (١١٥١٥) (٦/ ٤٦٦). وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" (٢/ ٢٩٦) كلهم من طريق الحسين بن واقد عن أبي إسحاق عن البراء به. والحسين ثقة له أوهام، وأبو إسحاق ثقة اختلط بأخرة. والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي برقم (٢٦٠٥).