للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"الثعلب"، فلما دخل مكة عقرت به قريش، وأرادوا قتل خراش، فمنعتهم الأحابيش حتى أتى رسول الله فدعا عمر ليبعثه، إلي مكة، فقال: يا رسول الله، إني أخاف قريشًا على نفسي، وليس بها من بني عَدي أحد يمنعني. وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلطتي [١] عليها، ولكن أدلّك على رجل هو أعز مني: عثمان بن عفان. قال: فدعاه رسول الله [فبعثه إلى قريش] [٢] يخبرهم أنه لم يأت لحرب أحد، وإنما [٣] جاء زائرًا لهذا البيت، معظمًا لحرمته. فخرج عثمان حتى أتي مكة، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص، فنزل عن دابته وحمله [٤] بين يديه ورَدِف خلفه، وأجاره حتى بَلّغَ رسالة رسول الله فانطلق عثمان حتى أتي أبا سفيان وعظماء قريش، فبلّغهم عن رسول الله ما أرسله به، فقالوا لعثمان: إن شئت أن تطوف بالبيت فطُفْ به. فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به [٥] رسول الله قال: واحتبسته قريش عندها، قال: وبلغ رسول الله أن عثمان قد قُتل.

قال محمد: فحدثني الزهري: أن قريشًا بعثوا سهيل بن عمرو وقالوا: ائت محمدًا فصالحه ولا تكن [٦] في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا، فوالله لا تَحدّثُ العرب أنه دخلها علينا عنوة أبدًا. فأتاه سهيل بن عمرو، فلما رآه رسول الله ؛ قال: "قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل". فلما انتهي إلي رسول الله تكلما وأطالا الكلام، وتراجعا حتى جري بينهما الصلح، فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب، وثب عمر بن الخطاب فأتي أبا بكر فقال: يا أَبا بكر؛ أو ليس برسول الله؟ أوَ لسنا بالمسلمين؟ أوَ ليسوا بالمشركين؟ قال: بلي. قال: فعلام نعطي الذلة في ديننا؟ فقال أبو بكر: [يا عمر] [٧]، الزم غَرْزَه حيث كان فإني أشهد أنه رسول الله. قال عمر: وأنا أشهد. ثم أتي رسول الله فقال: يا رسول الله، أوَ لسنا بالمسلمين؟ أوَ ليسوا بالمشركين؟ قال: "بلى". قال: فعلام نعطي الذلة في ديننا؟ فقال: "أنا عبد الله ورسوله، لن أخالف أمره ولن يضيعني". ثم قال عمر: ما زلت أصوم وأصلي وأتصدق وأعتق من الذي صنعت مخافة كلامي الذي تكلمت به يومئذ حتى رجوت أن يكون خيرًا. قال: ثم دعا رسول الله علي بن أبي طالب فقال: "اكتب بسم الله الرحمن الرحيم". [فقال سهيل بن عمرو] [٨]: ولا أعرف هذا، ولكن اكتب: باسمك اللَّهم. فقال رسول الله: "اكتب باسمك اللَّهم. هذا ما صالح [٩] عليه محمد


[١]- في ز: غلظي.
[٢]- سقط من ز، خ.
[٣]- في ز: وإنه.
[٤]- في ز: وحمل.
[٥]- سقط من خ.
[٦]- في ت: يكون.
[٧]- سقط من خ.
[٨]- سقط من ز، خ.
[٩]- في ت: صلح.