للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمًا (٢٦)

يقول تعالى مخبرًا عن الكفار من مشركي العرب من قريش ومَن مالأهم علي نصرتهم علي رسول الله : ﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي: هم الكفار دون غيرهم، ﴿وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ أي: وأنتم أحق به، وأنتم أهله في نفس الأمر، ﴿وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾ أي: وصدوا الهدي أن يصل إلي محله، وهذا [من بغيهم] [١] وعنادهم، وكان الهديُ سبعين بدنة كما سيأتي بيانه.

وقوله: ﴿وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ﴾ أي: بين أظهرهم ممن يكتم إيمانه ويخفيه منهم خيفة علي أنفسهم من قومهم، لكنا سَلَّطناكم عليهم فقتلتموهم وأبدتم خَضْراءهم، ولكن بين أفنائهم من المؤمنين والمؤمنات أقوام لا تعرفونهم حالة القتل، ولهذا قال: ﴿لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ﴾ أي: إثم وغرامة ﴿بِغَيرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ أي: يؤخر عقوبتهم ليخلّص من بن أظهرهم المؤمنين، وليرجع كثير منهم إلي الإِسلام.

ثم قال: ﴿لَوْ تَزَيَّلُوا﴾ أي: لو تميز الكفار من المؤمنين الذين بين أظهرهم ﴿لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ أي: لسلطناكم عليهم فلقتلتموهم قتلًا ذريعًا.

قال الحافظ أبو القاسم الطبراني (٥٥): حدثنا أبو الزنباع [٢] روح بن الفرج، حدثنا عبد الرحمن بن أبي عباد المكي، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله أبو [٣] سعيد - مولى بني هاشم - حدثنا حجر بن خلف: سمعت عبد الله بن عوف [٤]؛ يقول [٥]: سمعت جُنَيدَ بن سَبُع؛ قول: قاتلت رسول الله أول النهار كافرًا وقاتلت معه آخر النهار مسلمًا، وفينا نزلت: ﴿وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ﴾. قال: كنا تسعة نفر: سبعة رجال وامرأتين.


(٥٥) - ذكر الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ١١٠) وقال: (رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما ثقات). والحديث أخرجه أوبو يعلى في مسنده (١٥٦٠) من طريق أبي سعيد مولى بني هاشم به.