للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (١٨) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٩)

يخبر تعالى عن رضاه عن المؤمنين الذين بايعوا رسول الله تحت الشجرة، وقد تقدم ذكر عدتهم وأنهم كانوا ألفًا وأربعمائة، وأن الشجرة كانت سَمُرة بأرض الحديبية.

قال البخاري (٤٧): حدثنا محمود، حدثنا عبيد [١] الله، عن إسرائيل، عن طارق بن [٢] عبد الرحمن؛ قال: انطلقت حاجًّا فمررت بقوم يصلون، فقلت [٣]: ما هذا المسجد؟ قالوا: هذه الشجرة، حيث بايع رسول الله بيعة الرضوان. فأتيتُ سعيد بن المسيب فأخبرته، فقال سعيد: حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله تحت الشجرة. قال: فلما خرجنا من العام المقبل نَسيناها فلم نَقدِر عليها، فقال سعيد: إن أصحاب محمد لم، سلموها وعُلّمتموها [٤] أنتم، فأنتم أعلم.

وقوله: ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾ أي: من الصدق والوفاء، والسمع والطاعة، ﴿فأنزل [] [٥] السكينة﴾، وهي الطمأنينة، ﴿عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾، وهو ما أجرى الله على أيديهم من الصلح بينهم وبين أعدئهم، وما حصل بذلك من الخير العام المستمر المتصل بفتح خيبر وفتح مكة، ثم فتح سائر البلاد والأقاليم عليهم، وما حصل لهم من العز والنصر والرفعة في الدنيا والآخرة؛ ولهذا قال: ﴿وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٩)﴾.

قال ابن أبي حاتم (٤٨): حدثنا [أحمد بن محمد] [٦] بن يحيى بن سعيد القطان، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا موسى -يعني إلي عبيدة- حدثني إياس بن سلمة، عن


(٤٧) - صحيح البخاري في المغازي، باب: غزوة الحديبية، حديث (٤١٦٣) وقد تقدم قريبًا.
(٤٨) - أخرجه ابن جرير في تفسيره (٢٦/ ٨٦) عن محمد بن عمارة الأسدي عن عبيد الله بن موسى به وعزاه السيوطي أيضًا في الدر المنثور (٦/ ٨١) إلي ابن مردويه.