للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي هريرة في قوله: ﴿سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾ قال: هم البارزون.

قال (٤٦): وحدثنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي ؛ قال: "لا قوم الساعة حتى تقاتلوا قومًا صغار الأعين ذْلْفَ [١] الأنف، كأن وجوههم المجان المطرقة". قال سفيان: هم الترك.

قال ابن أبي عمر [٢]: وجدت في مكان آخر: ابن أبي خالد عن أبيه قال: نزل علينا أبو هريرة ففسر قول رسول الله : "تقاتلون قومًا نعالهم [٣] الشعر". قال: هم البارزون؛ يعني: الأكراد.

وقوله: ﴿تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ﴾، يعني يشرع لكم جهادهم وقتالهم، فلا يزال ذلك مستمرًّا عليهم، ولكم النصرة عليهم، أو يسلمون فيدخلون في دينكم بلا قتال بل باختيار.

ثم قال: ﴿فَإِنْ تُطِيعُوا﴾ أي: تستجيبوا وتنفروا [٤] في الجهاد وتؤدوا الذي عليكم فيه، ﴿يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيتُمْ مِنْ قَبْلُ﴾، يعني زمن الحديبية حيث دعيتم فتخلفتم، ﴿يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾.

ثم ذكر تعالى الأعذار في ترك الجهاد، فمنها لازم كالعمي والعَرَج المستمر، وعارض كالمرض الذي يطرأ أيامًا ثم يزول، فهو في حال مرضه مُلحَقٌ بذوي الأعذار اللازمة حتى يبرأ.

ثم قال تعالى مرغبًا في الجهاد وطاعة الله ورسوله: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ﴾ أي: ينكلُ [٥] عن الجهاد، ويُقبل على المعاش ﴿يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا﴾، في الدنيا بالمذلة، وفي الآخرة بالنار.

﴿لَيسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (١٧)


(٤٦) - أخرجه الحميدي (١١٠٠)، وأحمد (٢/ ٢٣٩)، والبخاري في الجهاد والسير، باب: قتال اللذين ينتعلون الشعر، حديث (٢٩٢٩) ومسلم في الفتن وأشراط الساعة، حديث (٢٩١٢)، من طريق سفيان به.