للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ببدء [١] إسلامك، كيف كان؟ قال سواد: فإني كنت نازلًا بالهند، وكان [٢] لي رَئِيٌّ (*) من الجن، قال: فبينا أنا ذات ليلة نائم، إذ جاءني في منامي ذلك قال: قم فافهم واعقل إن كنت تعقل، قد بعث رسول من لؤي بن غالب، ثم أنشأ يقول:

عجبتُ للجنِّ [٣] وأنجاسها [٤] … وَشدِّها العِيسَ [٥] بأحلاسها

تَهْوي إلى مَكَّةَ تَبْغي الهُدَى … مَا مُؤمنُو الجِنّ كأرْجَاسِها

فانهض إلى الصفوة من هاشم … واسمُ بعينيك إلى راسها

قال: ثم أنبهني فأفزعني، وقال: يا [٦] سواد بن قارب، إن الله بعث نبيًّا [٧]." فانهض إليه تَهْتَد وتَرشُد. فلما كان من الليلة الثانية أتاني فأنبهني، ثم أنشأ، يقول كذلك:

عَجِبْتُ للْجِنّ وَتَطْلابها … وشدها العيس بأقتابها

تَهْوي إلى مَكَّةَ تَبْغي الهُدَى … لَيس قداماها [٨] كَأَذنَابِها

فَانْهَض إلى الصَّفْوَة مِن هَاشِم … واسمُ بعينيك إلى نَابِها

فلما كان في الليلة الثالثة أتاني فأنبهني ثم قال:

عجبت للجن وتخبارها … وشدها العيس بأكوارها

تَهْوي إلى مَكَّةَ تَبْغي الهُدَى … لَيس ذَوُو الشرِّ كأخيارهَا

فَانْهَض إلَى الصَّفْوَة منْ هَاشِم … ما مُؤمنُو الجِنّ كَكُفَّارها

قال [] [٩]: فلما سمعته تكرر ليلة بعد ليلة، وقع في قلبي حب الإِسلام من أمر رسول الله ما شاء الله، قال: فانطلقت إلى رحلي فشددته على راحلتي [١٠]، فما حللت نشعةً ولا عقدت أخرى حتى أتيت رسول الله ، فإذا هو بالمدينة -يعني مكة- والناس عليه كعُرْف الفرس، فلما رآني النبي قال: ""مرحبًا بك يا سواد بن قارب، قد علمنا ما جاء بك". قال:


= عبد الرحمن قال: دخل سواد بن قارب على عمر فذكر الحديث بطوله.
والحسن بن عمارة متروك كما في "التقريب".
(*) الرِّئِيُّ: الجني يعرض للإنسان ويطلعه على ما يزعم من الغيب أو يلهمه الشعر.