للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخطاب الوفاة حين طُعِن جعل الأمر بعده شورى في ستة نفر، وهم: عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف أجمعين [١]- فاجتمع رأي الصحابة كلهم على تقديم عثمان عليهم .

﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾، وذلك بالإِحسان [٢] إلى خلق الله، الأقرب إليهم منهم فالأقرب.

وقوله: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾، أي: فيهم قوة الانتصار ممن ظلمهم واعتدى عليهم، ليسوا بعاجزين ولا أذلة، بل يقدرون على الانتقام ممن بغى عليهم، وإن كانوا مع هذا إذا قدروا عفوا، كما قال يوسف لإِخوته: ﴿قَال لَا تَثْرِيبَ عَلَيكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ﴾، مع قدرته على مؤاخذتهم ومقابلتهم على صنيعهم إليه، وكما عفا رسول الله عن أولئك النفر الثمانين الذين قصدوه عام الحديبية، ونزلوا من جبل التنعيم، فلما قدر عليهم [عفا عنهم] [٣] مع قدرته على الانتقام (٥٧).

وكذلك عفوه عن "غَوْرَث بن الحارث" لما [٤] أراد الفتك به حين اخترط سيفه وهو نائم، فاستيقظ وهو في يده صَلْتًا، فانتهره، فوضعه من يده، وأخذ رسول الله السيف [من يده] [٥]، ودعا أصحابه ثم أعلمهم بما كان من أمره وأمْر هذا الرجل، وعفا عنه. وكذلك عفا عن لبيد بن الأعصم الذي سحره ومع هذا لم يعرض له ولا عاتبه مع قدرته عليه [٦]، وكذلك عفوه عن المرأة اليهودية - وهي زينب أخت مرحب اليهودي الخيبري الذي قتله محمد بن مسلمة، التي سمت الذراع يوم خيبر - فأخبره الذراع بذلك، فدعاها فاعترفت، فقال: "ما حملك على ذلك؟ ". قالت: أردت: إن كنت نبيًّا لم يضرك، وإن لم تكن نبييًّا استرحنا منك. فأطلقها ، ولكن لما مات منه [٧] بشر بن البراء قتلها به، والأحاديث والآثار [في هذا] [٨] كثيرة جدًّا، ولله الحمد.


(٥٧) - ذكر المصنفُ في هذه الجزئية عدة مواقف لرسول الله ، فسنعرجُ على كل موقف من هذه المواقف ونخرجها من موضعها، سالكين في ذلك المنهج المتبع من أول الكتاب، وهو باختصار ما كان في الصحيحين أو أحدهما اكتفينا بتخريج الموضع منهما أو من أحدهما، وإن كان في غيرهما استقصينا بقدر المستطاع تخريجه والحكم عليه.
أولًا: عفو النبي عن الثمانين في غزوة الحديبية انظر هذا الخبر عند المصنف =