للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأمره، وهي الجواري في البحر [كالأعلام، أي] [١]: كالجبال، [قاله مجاهد، والحسن، والسدي، والضحاك، أي: هي في البحر كالجبال] [٢] في البر، ﴿إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ﴾ أي: التي تسير بالسفن، لو شاء لسكنها حتى لا تتحرك السفن، بل تظل راكدة لا تجيء ولا تذهب، بل واقفة على ظهره، أي: على وجه الماء، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ﴾ أي: في الشدائد، ﴿شَكُورٍ﴾ أي: إن [٣] في تسخيره البحر وإجرائه الهواء بقدر ما يحتاجون إليه لسيرهم، لدلالات على نعمه تعالى على خلقه ﴿لِكُلِّ صَبَّارٍ﴾ أي: في الشدائد، ﴿شَكُورٍ﴾ في الرخاء.

وقوله: ﴿أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا﴾ أي: ولو شاء لأهلك السفن وغَرَّقها بذنوب أهلها الذين هم راكبون عليها، ﴿وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ﴾ أي: من ذنوبهم. ولو أخذهم [٤] بجميع ذنوبهم لأهلك كل من ركب في البحر.

وقال بعض علماء التفسير: معنى قوله: ﴿أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا﴾ أي: لو شاء لأرسل الريح قوية عاتية، فأخذت السفن وأحالتها عن سيرها المستقيم، فصرفتها ذات اليمين أو ذات الشمال، آبقة لا تسير على طريق، ولا إلى جهة مقصد.

وهذا القول هو يتضمن هلاكها، وهو مناسب للأول، وهو أنه تعالى لو شاء لسكن الريح فوقفت، أو لقواه فشَرَدت وأبِقَت وهَلكت. ولكن من لطفه ورحمته أنه يرسله بحسب الحاجة، كما يرسل المطر بقدر الكفاية، ولو أنزله كثيرًا جدًّا لهدم البنيان، أو قليلًا لما أنبت الزرع والثمار، حتى إنه رسل إلى مثل بلاد مصر سيحًا من أرض أخرى غيرها، لأنهم لا يحتاجون إلى مطر، ولو أنزل عليهم لهدم بنيانهم، وأسقط جدرانهم.

وقوله: ﴿وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ﴾، أي: لا محيد لهم عن بأسنا ونقمتنا، فإنهم مقهورون بقدرتنا.

﴿فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٣٦) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَينَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩)


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ.
[٢]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ.
[٣]- سقط من: ز.
[٤]- في ز: "واخذهم".