للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فذكره (٣٩).

وقوله: ﴿وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ﴾ أي: يقبل التوبة في المستقبل، ويعفو عن السيئات في الماضي، ﴿وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ أي: هو عالم بجميع ما فعلتم وصنعتم وقلتم، ومع هذا يتوب على من تاب إليه.

وقوله: ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾، قال السدي: يعني يستجيب لهم. وكذا قال ابن جرير: معناه يستجيب الدعاء لهم ولأصحابهم وإخوانهم. وحكاه عن بعض النحاة، وأنه جعلها كقوله: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ﴾.

ثم روى هو وابن أبي حاتم (٤٠)، من حديث الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن سلمة بن سبرة قال: خطبنا معاذ بالشام فقال: أنتم المؤمنون، وأنتم أهل الجنة. والله [١] إني أرجو أن يدخل الله من تَسْبُون من فارس والروم الجنة، وذلك بأن أحدكم إذا عمل له -يعني أحدُهم عملًا قال: أحسنت- رحمك [٢] الله أحسنت بارك الله فيك - ثم قرأ: ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾.

وحكى ابن جرير عن بعض أهل العربية [أنه جعل] [٣] [﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ كقوله: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ﴾، أي: هم الذين يستجيبون للحق ويتبعونه، كقوله : ﴿[إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ] [٤] الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ﴾ والمعنى الأول أظهر، لقوله تعالى: ﴿وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ أي: يستجيب دعاءهم ويزيدهم فوق ذلك. ولهذا قال ابن أبي حاتم:

حدثنا علي بن الحسين، حدثنا محمد بن المصفى، حدثنا بقية، حدثنا إسماعيل بن عبد الله الكَنَدي، حدثنا الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله قال: قال رسول الله في قوله: ﴿وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾، قال: "الشفاعة لمن وجبت له النار، ممن صنع إليهم معروفًا في الدنيا" (٤١).


(٣٩) - أخرجه ابن أبي حاتم -كما في الدر المنثور - والطبري في تفسيره ٢٥/ ٢٨ وفي إسناده شريك كان صدوقًا سيئ الحفظ ولا سيما بعد توليه القضاء.
(٤٠) - انظر المصدر السابق.
(٤١) - أخرجه ابن أبي حاتم كما في الدر - وابن أبي عاصم في السنة (٨٤٦)، والطبراني في الكبير ١٠/ ٢٤٨، وفي الأوسط (٥٧٧٠)، من طرق عن بقية به. وهذا إسنادٌ ضعيفٌ لا يثبت كما قال المصنف فيما سبق، وعلته إسماعيل الكندي قال الذهبي: روى عن الأعمش، وعنه بقية بخبر عجيب منكر، =