للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا زيدُ ما سمعتَ من رسول الله . فقال: يا ابن أخي، والله لقد [كَبُرَت] [١] سنّي وقدُم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله ، فما حدثتكم فاقبلوه، وما لا فلا تُكَلّفونيه. ثم قال: قام رسول الله يومًا [٢] خطيبًا فينا، بماء يدعى خُمّا - بين مكة والمدينة - فحمد الله وأثنى عليه، وذَكَّر ووَعَظ، ثم قال: "أما بعد، ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين، أولهما: كتابُ الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به" - فحثَّ على كتاب الله ورَغَّب فيه - وقال: "وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي". فقال له حصين: ومَن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: إن نساءه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حُرم الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عَقِيل، وآل جعفر، وآل العباس. قال: أكلّ هؤلاء حُرمَ الصدقة؟ قال: نعم.

وهكذا رواه مسلم في الفضائل والنسائي من طرق عن يزيد بن حيان، به (٣١).

وقال أبو عيسى الترمذي (٣٢): حدثنا علي بن المنذر الكوفي، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد - والأعمشُ، [عن حبيب بن أبي ثابت] [٣]، عن زيد بن أرقم - قال: قال رسول الله : "إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتابُ الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، والآخر عترتي: أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما". تفرد بروايته الترمذي ثم قال: هذا حديث حسن غريب [٤].

وقال الترمذي أيضًا (٣٣): حَدثنا نصر بن عبد الرحمن الكوفي، حدثنا زيد بن الحسن، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال: رأيت رسول الله


(٣١) - أخرجه مسلم في فضائل الصحابة حديث رقم (٣٤٠٨)، وأبو داود (٤٩٧٣)، وأحمد ٤/ ٣٦٦، وعبد بن حميد (٢٦٥)، والدارمي (٣٣١٩)، وغيرهم من طرق عن يزيد بن حيان به.
(٣٢) - (٣٣) - أخرجهما الترمذي في المناقب، باب: مناقب أهل بيت رسول الله حديث رقم (٣٧٨٦، ٣٧٨٨)، وقد تقدمت الإشارة إلى صحة هذا الحديث بشواهده ومجموع طرقه، ويستغرب من رواية الترمذي هذه أن النبي ذكر هذه الخطبة في حجة الوداع.
والمشهور أنه ذكرها يوم غد يرخم كما جاء في صحيح مسلم. لذلك قال الترمذي عقب هذه الرواية: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وانظر شواهد هذا الحديث وبعض طرقه في السلسلة الصحيحة (٤/ ٣٥٥)، (٤/ ٣٦١).