للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثني يزيد بن أبي زياد، عن مقْسم، عن ابن عباس قال: قالت الأنصار: فعلنا وفعلنا، وكأنهم فخروا. فقال ابن عباس -أو: العباس، شك عبد السلام-: لنا الفضل عليكم. فبلغ ذلك رسول الله فأتاهم في مجالسهم فقال: "يا معشر الأنصار، ألم تكونوا أذلة فأعزكم الله بي؟ " قالوا: بلى، رسول الله. قال: " [ألم تكونوا ضلالًا فهداكم الله بي؟ " قالوا: بلى، يا رسول الله] [١]. قال: "أفلا تجيبوني؟ " قالوا: ما نقول يا رسول الله؟ قال: "ألا تقولون: ألَم يخرجك قومك فآويناك؟ أوَ لم يكذبوك فصدقناك؟ أو لم يخذلوك فنصرناك؟ ". قال: فما زال يقول حتى جَثوا على الرُّكَب، وقالوا: أموالنا وما في أيدينا لله ولرسوله. قال: فنزلت: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيهِ أَجْرًا إلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾.

وهكذا رواه ابن أبي حاتم، عن علي بن الحسين، عن عبد المؤمن بن علي، عن [٢] عبد السلام، عن يزيد بن أبي زياد - وهو ضعيف - بإسناده مثله، أو قريبًا منه (٢٣).

وفي الصحيحين (٢٤) في قسم غنائم حنين قريب من هذا السياق، ولكن ليس فيه ذكر نزول هذه الآية. وذكْرُ نُزولها في المدينة فيه [٣] نظر؛ لأن السورة مكية، وليس يظهر بين هذه الآية الكريمة وبين السياق مناسبة، والله أعلم.

وقال ابن أبي حاتم (٢٥): حدثنا علي بن الحسين، حدثنا رجل سماه، حدثنا حسين الأشقر، عن قيس، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه


(٢٣) - أخرجه ابن جرير في تفسيره (٥/ ٢٥)، وعزاه في الدر إلى ابن مردويه وابن أبي حاتم من هذا الوجه، وأعله المصنف هنا بيزيد بن أبي زياد. وضعفه ابن حجر في الفتح (٨/ ٥٦٤) وقال: ويبطله أن الآية مكية" ا هـ.
(٢٤) - أخرجه البخاري في المغازي والسير حديث رقم (٤٣٣٠)، وفي التمني باب ما يجوز من اللوِّ وقوله تعالى: ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً﴾ حديث رقم (٧٢٤٥) مختصرًا، وأخرجه مسلم في الزكاة حديث رقم (١٠٦١) من مسند عبد الله بن زيد به، وفي الباب عن أنس بن مالك، وأبي سعيد الخدري، أخرجهما أحمد (٣/ ٦٧ و ٧٦، ١٠٤، ٢٥٣).
(٢٥) - أخرجه الطبراني ١١/ ٤٤٤ (١٢٢٥٩) من طريق آخر عن حسين الأشقر به وعزاه السيوطي أيضًا في الدر إلى ابن المنذر وابن مردويه، وذكره الهيثمي في المجمع (٩/ ١٧١) وقال: رواه الطبراني وفيه جماعة ضعفاء وقد وثقوا. ا هـ. يعني حسين الأشقر وشيخه قيس بن الربيع، وعليه فهذا الحديث ضعيف، من حيث الإسناد، وأما من حيث المتن، فهذه الآية نزلت بمكة ولم يكن إذ ذاك لفاطمة أولاد بالكلية، فإنها لم تتزوج بعلي إلا بعد بدر من السنة الثانية للهجرة كما ذكر المصنف.