للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا يونس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن رسول الله دخل عليها وعندها امرأة من اليهود، وهي تقول: أشعرت [١] أنكم تُفتنُون في قبوركم؟ فارتاع رسول الله وقال: "إنما يُفتنُ يهود". قالت عائشة: فلبثنا ليالي، ثم قال رسول الله : "أشعرث أنه أوحيَ إليَّ أنكم تفتنون في القبور؟ " وقالت عائشة: سمعت رسول الله بعد يستعيذ من عذاب القبر.

وهكذا رواه مسلم، عن هارون بن سعيد وحرملة، كليهما [٢] عن ابن وهب، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، به.

وقد يقال: إن هذه الآية دلَّتْ على عذاب الأرواح في البرزخ، ولا يلزم من ذلك أن يتصل بالأجساد في قبورها، فلما أوحي إليه في ذلك بخصوصيته استعاذ منه، والله أعلم.

وقد روى البخاري (٤٣) من حديث شعبة، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن أبيه، عن مسروق، عن عائشة ؛ أن يهودية دخلت عليها فقالت: أعاذك الله من عذاب القبر! فسألت عائشة رسول الله عن عذاب القبر؟ فقال: "نعم، عذابُ القبر حقّ". قالت عائشة: فما رأيتُ رسولَ الله بعدُ صلَّى صلاة إلا تَعَوَّذ من عذاب القبر.

فهذا يدل على أنه بادر إلى تصديق اليهودية في هذا الخبر، وقرر عليه. وفي الأخبار المتقدمة أنه أنكر ذلك حتى جاءه الوحي، فلعلهما قضيتان، والله أعلم، وأحاديث عذاب القبر كثيرة جدًّا.

وقال قتادة في قوله: ﴿غُدُوًّا وَعَشِيًّا﴾: صباحًا ومساء، ما بقيت الدنيا، يقال لهم: كما آل فرعون؛ هذه منازلكم، توبيخًا ونقمة وصَغَارًا لهم.


= استحباب التعوذ من عذاب القبر (١٢٣) (٥٨٤)، والنسائي (٤/ ١٠٤) من طريق يونس بن يزيد به. ورواه أحمد (٦/ ٨٩، ٢٧١) من طريق شعيب وابن أخي الزهري عن الزهري به.
(٤٣) - رواه البخاري، كتاب: الجنائز: باب: ما جاء في عذاب القبر (١٣٧٢)، وكدا رواه أحمد (٦/ ١٧٤)، والنسائي (٣/ ٥٦) من طريق شعبة به، ورواه مسلم (١٢٦) (٥٨٦) من طريق أبي الأحوص عن أشعث به، ورواه أحمد (٦/ ٤٤ و ٢٠٥)، والبخاري (٦٣٦٦)، ومسلم (١٢٥)، والنسائي (٤/ ١٠٥) من طريقين عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن مسروق به مطولًا ومختصرًا.