للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلغه قولُ - فرعون: ﴿ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى﴾، [قال موسى] [١]: استجرتُ بالله وعُذْتُ به من شره وشر أمثاله؛ ولهذا قال: ﴿إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ﴾ أيها المخاطَبون، ﴿مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ﴾ أي: عن الحق، مجرم، ﴿لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ﴾. ولهذا جاء في الحديث عن أبي موسى : أن رسول الله كان إذا خاف قومًا قال: "اللهم، إنا نعوذ بك من شرورهم، وندرأ بك في نحورهم" (٣١).

﴿وَقَال رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (٢٨) يَاقَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَال فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إلا سَبِيلَ الرَّشَادِ (٢٩)

المشهور أن هذا الرجل المؤمن كان قبطيًّا من آل فرعون.

قال السدي: كان ابن عم فرعون، ويقال: إنه الذي نجا مع موسى. واختاره ابن جرير (٣٢)، وَرَدَّ قول من ذهب إلى أنَّه كان إسرائيليًّا؛ لأن فرعون انفعل لكلامه واستمعه، وكفَّ عن قتل موسى ولو كان إسرائيليًّا لأوشك أن يعاجل بالعقوبة؛ لأنه منهم.

وقال ابن جريج: عن ابن عبَّاس: لم يؤمن من آل فرعون سوى هذا الرجل وامرأة فرعون، والذي قال: ﴿يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ﴾. رواه ابن أبي حاتم (٣٣).

وقد كان هذا الرجلُ يكتم إيمانه عن قومه القبط، فلم يظهر إلا هذا اليوم حين قال فرعون:


(٣١) - رواه أحمد (٣/ ٤١٤، ٤١٥) وأَبو داود، كتاب: الصلاة، باب: ما يقول إذا خاف قويًّا (١٥٣٧)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (٦٠١) وغيرهم وصححه ابن حبان (١١/ ٤٧٦٥)، والحاكم (٢/ ١٤٢) على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
(٣٢) - تفسير ابن جرير (٢٤/ ٥٧، ٥٨).
(٣٣) - إسناده منقطع. والخبر ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٥/ ٦٥٥) وعزاه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.