يوم الآزفة: هو اسم من أسماء يوم القيامة، سميت بذلك لاقترابها، كما قال تعالى: ﴿أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ﴾ وقال: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ وقال: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ﴾ وقال: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ وقال: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ﴾.
وقوله: ﴿إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ﴾ قال قَتَادة: وقفت القلوب في الحناجر من الخوف، فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها. وكذا قال عكرمة، والسدي، وغير واحد.
ومعنى ﴿كَاظِمِينَ﴾ أي -: ساكتين، لا يتكلم أحد إلا بإذنه. ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَال صَوَابًا﴾.
وقال ابن جريج: ﴿كَاظِمِينَ﴾ أي: باكين.
وقوله: ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ أي: ليس للذين ظلموا أنفسهم بالشرك بالله من قريب منهم ينفعهم، ولا شفيع فيشفع فيهم، بل قد تقطعت بهم الأسباب من كل خير.
وقوله: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ يخبر تعالى عن علمه التام المحيط بجميع الأشياء، جليلها وحقيرها، صغيرها وكبيرها، دقيقها ولطيفها، ليحذو الناس علمه فيهم، فيستحيوا من الله حق الحياء ويتقوه حق تقواه، ويراقبوه مراقبة من يعلم أنَّه يراه، فإنه تعالى يعلم العين الخائنة وإن أبدت أمانة، ويعلم ما تنطوي [١] عليه خبايا الصدور من الضمائر والسرائر.
قال ابن عبَّاس في قوله: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾: وهو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم، وفيهم المرأة الحسناء، أو تمر به وبهم المرأة الحسناء، فإذا غفلوا لحظ إليها، فإذا فطنوا غضّ بصره عنها، فإذا غفلوا لحظ، فإذا فطنوا غضّ، وقد اطلع الله من قلبه