للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيقال: إنهم لم يبلغوا طبقتك في العمل. فيقول: إني إنما عملت لي ولهم. فَيُلحَقُونَ به في الدرجة، ثم تلا سعيد بن جبير هذه الآية: ﴿رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.

قال مُطرّف بن عبد الله بن الشِّخير (٢٠): أنصَحُ عبادِ الله للمؤمنين الملائكةُ، ثم تلا هذه الآية: ﴿رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ﴾. وأغشُّ عباد الله للمؤمنين الشياطينُ.

وقوله: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ أي: الذي لا يمانع ولا يغالب، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، الحكيم في أقوالك وأفعالك، من شرعك وقَدَرك.

﴿وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ﴾ أي: فعلها أو وَبَالها ممن وقعت منه، ﴿وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ﴾ أي: يوم القيامة، ﴿فَقَدْ رَحِمْتَهُ﴾ أي: لطفت به ونجَّيته من العقوبة، ﴿وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.

﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (١٠) قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَينِ وَأَحْيَيتَنَا اثْنَتَينِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (١١) ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (١٢) هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إلا مَنْ يُنِيبُ (١٣) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (١٤)

يقول تعالى مخبرًا عن الكفار: إنهم يُنَادَرن يوم القيامة وهم في غمرات النيران يتلظون، وذلك عندما باشروا من عذاب الله ما لا قِبَلَ لأحد به، فمقتوا عند ذلك أنفسهم وأبغضوها غاية البغض، بسبب ما أسلفوا من الأعمال السيئة، التي كانت سببَ دخولهم إلى النار: فأخبرتهم الملائكة عند ذلك إخبارًا عاليًا، نادوهم نداء بأن [١] مقت الله لهم في الدنيا - حين كان يُعرَض عليهم [٢] الإِيمان، فيكفرون - أشدُّ من مقتكم أيها المعذبون أنفسكم اليوم في هذه الحالة.


(٢٠) - إسناده صحيح إلى مطرف، وقد رواه ابن جرير (٢٤/ ٤٦).