للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خروج لكم منها، ولا زوال لكم عنها، ﴿فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾ أي: فبئس المصير وبئس المقيل [١] لكم، بسبب تكبركم في الدُّنيا، وإبائكم عن أتباع الحق، فهو الذي صيركم إلى ما أنتم فيه، فبئس الحال وبئس المآل.

وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَال لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (٧٣) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (٧٤)

وهذا إخبار عن حال السعداء المؤمنين حين يساقون على النجائب وفدًا إلى الجنَّة ﴿زُمَرًا﴾ أي: جماعة بعد جماعة: المقربون، ثم الأبرار، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، كل طائفة مع من يناسبهم: الأنبياء مع الأنبياء، والصديقون مع أشكالهم، والشهداء مع أضرابهم [٢]، والعلماء مع أقرانهم، وكل صنف مع صنف، كل زمرة تناسب بعضها بعضًا.

﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا﴾ أي: وصلوا إلى أبواب الجنة بعد مجاوزة الصراط، حُبسوا على قنطرة بين الجنَّة والنَّار، فاقتص لهم مظالم كانت بينهم [٣] في الدُّنيا، حتَّى إذا هُذبوا ونُقّوا أذن لهم في دخول الجنَّة، وقد ورد في حديث الصور: أن المؤمنين إذا انتهوا إلى أبواب الجنَّة تشاوروا فيمن يستأذن لهم بالدخول [٤]، فيقصدون آدم، ثم نوحًا، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، ثم محمدًا -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- كما فعلوا في العرصات [٥] عند استشفاعهم إلى الله ﷿ أن يأتي لفصل القضاء، ليظهر شرف محمَّد على سائر البشر في المواطن كلها.

وقد ثبت في صحيح مسلم (٥٠) عن أنس قال [٦]: قال رسول الله : "أنا أول شفيع في الجنَّة". وفي لفظ لمسلم: [٧] أنا أول من يقرع باب الجنَّة".


(٥٠) - صحيح مسلم في كتاب الإيمان، حديث (١٩٦).