للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (٧١)﴾ قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٢)

يخبر تعالى عن حال الأشقياء الكفار كيف يساقون إلى النَّار؟ وإنَّما يساقون سوقًا عنيفًا بِزَجْر وتهديد ووعيد، كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا﴾ أي: يدفعون إليها دفعًا. هذا وهم عطاش ظماء، كما قال في الآية [١] الأخرى: ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ ورْدًا﴾، وهم في تلك الحال صُمّ وبكم وعمي، منهم من يمشي على وجهه، ﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا و [بُكْمًا وَصُمًّا] [٢] مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا﴾.

وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ أي: بمجرد وصولهم إليها فتحت لهم أبوابها سريعًا، لتعجل لهم العقوبة، ثم يقول لهم خزنتها من الزبانية -الذين هم غلاظ الأخلاق، شداد القُوَى، على وجه التقريع والتوبيخ والتنكيل-: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾ أي: من جنسكم تتمكنون من مخاطبتهم والأخذ عنهم، ﴿يَتْلُونَ عَلَيكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ﴾ أي: يقيمون عليكم الحجج والبراهين [٣] على صحة ما دعوكم إليه، ﴿وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا﴾ أي: ويحذرونكم من شر هذا اليوم؟ فيقول الكفار لهم: ﴿بَلَى﴾ أي: قد جاءونا وانذرونا، وأقاموا علينا الحجج والبراهين، ﴿وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ أي: ولكن كذبناهم وخالفناهم، لما سبق إلينا من الشقوة التي كُنَّا نستحقها، حيث عَدَلْنا عن الحق إلى الباطل، كما قال تعالى مخبرًا عنهم في الآية الأخرى: ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيءٍ إِنْ أَنْتُمْ إلا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ * وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [أي: رجعوا على أنفسهم بالملامة والندامة. ﴿فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾] [٤] أي: بُعدًا لهم وخسارًا.

وقوله ها هنا: ﴿قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ أي: كل من رآهم وعَلِم حالهم يشهد عليهم بأنهم مستحقون للعذاب، ولهذا لم يسند هذا القول إلى قائل معين، بل أطلقه ليدل على أن الكون [٥] شاهد عليهم بأنهم مستحقون ما هم فيه بما حكم العدل الخبير عليهم به؛ ولهذا قال جل وعلا: ﴿قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ أي: ماكثين فيها لا


[١]- سقط من: ز.
[٢]- ما بين المعكوفتين في ز: "صمًّا وبكمًا".
[٣]- في ز: "والبراهان".
[٤]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.
[٥]- في ز: "القول".