للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا حديث غريب جدًّا.

وأغرب منه ما رواه في "المعجم الكبير" أيضًا: حدَّثنا هاشم بن زيد، حدَّثنا محمَّد بن إسماعيل بن عياش، حدثني أبي، حدثني ضمضم بن زرعة، عن شُريح بن عُبَيد، عن أبي مالك الأشعري؛ قال: قال رسول الله : "إن الله تعالى يقول: ثلاث خلال غيَّبتُهُنَّ عن عبادي، لو رآهن رجل ما عمل سوءا أبدًا: لو كشفت غطائي فرآني حتى [١] يستيقن ويعلم كيف أفعل بخلْقي إذا أتيتهم، وقبضت السماوات بيدي، ثم قبضت الأرضين، ثم قلت: أنا الملك، من ذا الذي له الملك دوني؟ ثم أريتهم [٢] الجنَّة وما أعددت لهم فيها من كل خير، فيستيقنوها. وأريهم النَّار وما أعددت لهم فيها من كل شر فيستيقنوها، ولكن عمدًا غيبت ذلك عنهم لأعلم كيف يعملون [٣]، وقد بينته لهم". وهذا إسناد متقارب وهي نسخة تروى بها أحاديث جمة، والله أعلم.

وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (٦٨) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَينَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٦٩) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (٧٠)

يقول تعالى مخبرًا عن هول يوم القيامة، وما يكون فيه من الآيات العظيمة والزلازل الهائلة، فقوله: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾، هذه النفخة هي الثَّانية، وهي نفخة الصعق، وهي التي يموت بها الأحياء من أهل السماوات والأرض، إلَّا من شاء الله كما هو مُصَرَّح به مفسرًا في حديث الصور المشهور ثم يقبض أرواح الباقين حتَّى يكون آخر من يموت ملك الموت، وينفرد الحي القيوم الذي كان أولًا، وهو الباقي آخرًا بالديمومة والبقاء، ويقول: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ ﴿لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ ثلاث مرات. ثم يجيب نفسه بنفسه فيقول: ﴿لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ أي: الذي هو واحد وقد قهر كل شيء، وحكم بالفناء على كل شيء. ثم يَحْيَى أول من يحيي إسرافيل، ويأمره أن ينفخ في الصور أخرى، وهي النفخة الثَّالثة نفخة البعث، قال تعالى: ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ أي: أحياء بعد ما كانوا عظامًا ورفاتًا، صاروا أحياء ينظرون إلى أهوال يوم القيامة، كما قال تعالى: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ وقال تعالى: ﴿يَوْمَ يَدْعُوكُمْ


[١]- في ز: "حيى".
[٢]- في ز: "أريهم".
[٣]- في خ: "يعلموني".