للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الله عنه؛ قال: قال رسول اللَّه [لأبي ذر] [١] حين غربت الشمس: "أتدري أين تذهب؟ " قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "فإنها تذهب حين تسجد تحت [٢] العرش، فتستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، ويستأذن فلا يؤذن لها، ويقال لها: ارجعي من حيث جئت. فتطلع من مغربها، ذلك كلوله: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾.

وقال عبد الرزاق (٢٥): أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، عن وهب بن جابر، عن عبد الله بن عمرو؟ قال في قوله: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا﴾، قال: أن الشمس تطلع فتردها ذنوب بني آدم، حتى إذا غربت سَلَّمت وسجدت واستأذنت [٣] فيؤذن لها، حتى إذا كان يوم غربت فسلمت وسجدت، واستأذنت فلا يؤذن لها، فتقول: إن المسير بعيد وإني إلا يؤذن لي لا أبلغ، فتحبس ما شاء الله أن تحبس، ثم يقال لها: "اطلعي من حيث غربت" قال: فمن يومئذ إلى يوم القيامة لا ينفع نفسًا إيمانها، لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرًا.

وقيل المراد بقوله: ﴿لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا﴾، [هو انتهاء سيرها] [٤] وهو غاية ارتفاعها في السماء في الصيف وهو أوجها، ثم غاية انخفاضها في الشتاء وهو الحضيض.

والقول الثاني: أن المراد بمستقرها هو: منتهى سيرها، وهو يوم القيامة، يبطل سيرها وتسكن حركتها وتكور، وينتهي هذا العالم إلى غايته، وهذا هو مستقرها الزماني.

قال قتادة: ﴿لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا﴾، أي: لوقتها ولأجل لا تعدوه.

وقيل: المراد أنها لا تزال تنتقل في مطالعها الصيفية إلى مدة لا تزيد عليها، ثم تنتقل في مطالع الشتاء إلى مدة لا تزيد عليها يروى هذا عن عبد الله بن عمرو.

وقرأ ابن مسعود، وابن عباس: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لا مُسْتَقَرٍّ لَهَا﴾، أي: لا قرار لها ولا سكون، بل هي سائرة ليلًا ونهارًا، لا تفتر ولا تقف. كما قال تعالى: ﴿وسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَينِ﴾، أي [٥]: لا يفتران ولا يقفان إلى يوم القيامة.

﴿ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ﴾، أي: الذي لا يخالف ولا يُمانَع، ﴿الْعَلِيمِ﴾، بجميع الحركات والسكنات، وقد قدر ذلك وقنَّنَه على منوال لا اختلاف فيه ولا تعاكس، كما قال تعالى:


(٢٥) - تفسير عبد الرزاق (٢/ ١٤٢).