للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهؤلاء من النقمة والعذاب، وتبديل النعمة وتحويل العافية، عقوبةً على ما ارتكبوه من الكفر والآثام- لعبرةً ودَلالةً لكل عبد صبار على المصائب، شكور على النعم.

قال الإمام أحمد (١٧): حدثنا عبد الرحن وعبد الرزاق المعنى، قالا: أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن العَيْزَار بن حُرَيْث عن عمر بن سعد، عن أبيه -هو سعد بن أبي وقاص، قال: قال رسول اللَّه : "عجبت من قضاء اللَّه للمؤمن، إن أصابه خير حَمدَ رَبَّه وشكر، وإن أصابته مصيبة حَمد ربه وصَبَر، يؤجر المؤمن في كل شيء، حتى في اللقمة يرفعها إلى في امرأته".

وقد رواه النسائي في "اليوم والليلة"، من حديث أبي إسحاق السَّبيعي به وهو حديث عزيز -من رواية عمر بن سعد، عن أبيه. ولكن له شاهد في الصحيحين من حديث أبي هريرة: "عجبًا للمؤمن، لا يقضى اللَّه له قضاء إلا كان خيرًا، إن أصابته سراء شكر فكان [١] خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له؛ وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن" (١٨).

قال عبد: حدثنا يونس، عن شيبان. عن قتادة ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾، قال: كان مطرِّف يقول: نعم العبد الصبار الشكور، الذي إذا أعطى شكر، وإذا ابتلي صبر.

﴿وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إلا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ حَفِيظٌ (٢١) قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَال ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢)

لما ذكر تعالى قصة سبأ وما كان من أمرهم في اتباعهم الهوى والشيطان، أخبر عنهم وعن أمثالهم ممن اتبع إبليس والهوى، وخالف الرشاد والهدى، فقال: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ﴾.

قال ابن عباس وغيره: هذه الآية [٢] كقوله تعالى إخبارًا عن إبليس حين امتنع من السجود لآدم، ثم قال: ﴿قَال أَرَأَيتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ


(١٧) المسند (١/ ١٧٣)، والنسائي في السنن الكبرى، كتاب عمل اليوم والليلة، باب: ما يقول إذا أصابته مصيبة، حديث (١٠٩٠٦).
(١٨) لم أجده من حديث أبي هريرة، وقد رواه مسلم في صحيحه حديث (٢٩٩٩) من حديث صهيب، . وانظر حديث (١٣٣) من سورة الأعراف، آية (٩٥).