للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد استحب أهل الكتابة أن يكرر الكاتب الصلاة على النبي كلما كتبه، وقد ورد في الحديث من طريق كادح بن رحمة، عن نهشل، عن الضحاك، عن ابن عباس؛ قال: قال رسول الله : "من صلي عليّ في كتاب، لم تزل الصلاة جارية له ما دام اسمي في ذلك الكتاب" (٢٧٩).

وليس هذا الحديث بصحيح من وجوه كثيرة.

وقد رُوي من حديث أبي هرووة، ولا يصح أيضًا (٢٨٠)، قال الحافظُ أبو عبد الله الذهبي شيخُنا: أحسبه موضوعًا.

وقد رُوي نَحوُه عن أبي بكر، وابن عباس (٢٨١). ولا يصح من ذلك شيء. والله أعلم.

وقد ذكر الخطيب البغدادي في كتابه: "الجامع لآداب الراوي والسامع [١] "، قال: رأيت بخط الإمام أحمد بن حنبل كثيرًا ما يكتب اسم النبي من غير ذكر الصلاة عليه كتابة، قال: وبلغني أنه كان يصلي عليه لفظًا (٢٨٢).

[فصل]

وأما الصلاة على غير الأنبياء فإن كانت [٢] على سبيل التبعية كما تقدم في الحديث: "اللهم صل على محمد وآله وأزواجه وذريته"، فهذا جائز بالإجماع، وإنما وقع النزاع فيما إذا أفرد غير الأنبياء بالصلاة عليهم فقال قائلون: يجوز ذلك. واحتجوا بقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ﴾، وبقوله: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ﴾ وبقوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾، وبحديث عبد الله بن أبي أوفى؛ قال: كان رسول الله إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: "اللهم صلّ عليهم". وأتاه أبي بصدمته فقال: "اللهم صلِّ علي آل أبي أوفى". أخرجاه في الصحيحين.


(٢٧٩) أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم (١٦٩٩) من طريق أحمد بن جعفر الهاشمي عن سليمان بن الربيع عن كادح بن رحمة له.
(٢٨٠) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (٢٣٤) "مجمع البحرين" من طريق يزيد بن عياض عن الأعرج، عن أبي هريرة، .
(٢٨١) أما حديث ابن عباس فسبق، وأما حديث أبي بكر فرواه ابن عدي في الكامل (٣/ ٢٤٩) من طريق أبي داود النخعي، عن أيوب بن موسى، عن القاسم، عن أبي بكر، ، وداود النخعي وضاع.
(٢٨٢) الجامع لأخلاق الراوي (١/ ٢٧١) ثم قال عقبه: "وقد خالفه غيره من الأئمة المتقدمين في ذلك".