مُعْتَمّين [١]، فقالوا: أخْبر صاحبك أن الله تعالى كَفاه القوم. فرجعت إلى رسول الله، ﷺ، وهو مشتمل في شملة يصلي، فو الله ما عدا أن رجعت رَاجَعَني القُرُّ وجعلت أقَرْقُفُ [٢] فأومأ إليَّ رسول الله، ﷺ، بيده [٣] وهو يصلي، فدنوت منه، فأسبل علي شملته، وكان رسول الله، ﷺ، إذا حَزَبه [٤] أمر صلى، فأخبرته خبر القوم، و [٥] أخبرته أنى تركتهم يترحلون، وأنزل الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾.
وأخرج أبو داود في سننه (٣٤) منه: كان رسول الله، ﷺ، إذا حزبه أمر. من حديث عكرمة بن عمار، به.
وقوله: ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ﴾، أي: الأحزاب ﴿وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ﴾، تقدم عن حذيفة أنهم بنو قريظة، ﴿وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾، أي: من شدة الخوف والفزع، ﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾.
قال ابن جرير: ظن بعض من كان مع رسول الله، ﷺ، أن الدائرة على المؤمنين، وأن الله سيفعل ذلك.
وقال محمد بن إسحاق في قوله: ﴿وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾: ظن المؤمنون كل ظن، ونجم النفاق حتى قال مُعَتّب بن بشير [٦]-أخو بني عمرو بن عوف-: كان محمَّد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يقدر على أن مذهب إلى الغائط.
وقال الحسن في قوله: ﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾: ظنون مختلفة، ظن المنافقون أن محمدًا وأصحابه سيُستأصلون [٧]، وأيقن المؤمنون أن ما وعبد الله ورسوله حق. وأنه سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
(٣٤) - سنن أبي داود في الصلاة، باب: وقت قيام النبي ﷺ من الليل، حديث (١٣١٩)، وأخرجه أحمد في (٥/ ٣٨٨) من طريق عكرمة بن عمار به أيضًا.