للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حذيفة: لا تمنوا ذلك. لقد رأيتنا ليلة الأحزاب ونحن صافون قُعُود: أبو سفيان ومن معه من الأحزاب فوقنا، وقريظة اليهود أسفل منا نخافهم علي ذرارينا، وما أتَت علينا [ليلة] [١] قط أشد ظلمة ولا أشد ريحًا، في أصوات ريحها أمثال الصواعق، وهي ظلمة ما يرى أحدنا أصبعه. فجعل المنافقون يستأذنون النبيّ، ، ويقولون: ﴿إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ﴾. فما يستأذنه أحد منهم إلا أذن له، ويأذن لهم فيتسللون، ونحن ثلاثمائة ونحو ذلك، إذ استقبلنا رسول الله، ، رجلًا رجلًا حتى أتى عليَّ، وما عليَّ جُنَّة من العدو ولا من البرد إلا مرط لامرأتي، لا [٢] يجاوز ركبتي. قال: فأتاني، ، وأنا جَاثٍ على ركبتيَّ فقال: "من هذا؟ ". فقلت: حذيفة، قال: "حذيفة". فتقاصرتُ بالأرض [٣]، فقلت: بلى يا رسول الله، كراهية أن أقوم. [قال: "قُم"] [٤] فقمت فقال: " [إنه كائن] [٥] في القوم خبر فائتني بخبر القوم" -قال [٦]: وأنا من أشد الناس [٧] فزعًا، وأشدهم قُرًّا- قال: فخرجت، فقال رسول الله، : "اللهم، احفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، ومن فوقه ومن تحته". قال: فوالله ما خلق الله فزعًا ولا قرًّا في جوفي إلا خرج من جوفي، فما أجد فيه شيئًا. قال: فلما وليت قال: "يا حذيفة، لا تُحْدِثَنّ في القوم شيئًا حتى تأتيني". قال: فخرجت حتى إذا دنوت من عسكر القوم نظرت في ضوء نار لهم توقد، وإذا رجل أدهم ضخم يقول بيده على النار، ويمسح خاصرته، ويقول: [الرحيلَ الرحيل] [٨]. ولم أكن أعرف أبا سفيان قبل ذلك، فانتزعت سهمًا في كنانتي أبيض الريش، فأضعه في كَبَد قوسي لأرميه به في ضوء النار، فذكرت قول رسول الله، : "لا تحدثن فيهم شيئًا حتى تأتيني". فأمسكت ورددت [٩] سهمي إلى كنانتي، ثم إني شَجَّعت نفسي حتى دخلت العسكر، فإذا أدنى الناس مني [١٠] بنو عامر يقولون: يا آل عامر؛ الرحيل الرحيلَ! لا مُقام لكم. وإذا الريح في عسكرهم ما تجاوز عسكرهم شبرًا، فوالله إني لأسمع صوت الحجارة في رحالهم وَفَرَسَتْهُمُ [١١] [١٢] الريح تضربهم بها ثم خرجت نحو النبي، ، فلما انتصفت في الطريق أو نحوًا من ذلك، إذا [] [١٣] أنا بنحو من عشرين فارسًا أو [١٤] نحو ذلك


[١]- سقط من ز، خ. ومثبت من الدلائل.
[٢]- في ت: "ما".
[٣]- في ز، خ: "الأرض".
[٤]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز والمثبت من الدلائل.
[٥]- ما بين المعكوفتين في ز، خ: "إن كان".
[٦]- سقط من: ز والمثبت من الدلائل.
[٧]- سقط من: ز والمثبت من الدلائل.
[٨]- ما بين المعكوفتين في خ، ز: "الرجل الرجل".
[٩]- في ز: "فرددت".
[١٠]- في خ، ز: "معى".
[١١]- في خ، ز: "ورشهم".
[١٢]- فرستهم: فتكت بهم. وهو على سبيل الاستعارة.
[١٣]- ما بين المعكوفتين في ز، خ: "نحن".
[١٤]- في ز، خ: "و".