للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سأجزيك [١] على ذلك أوفر الجزاء.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا عبد الله بن أبي شيبة، ومحمود بن غيلان قالا: حدثنا عبد الله، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن وهب قال: قدم علينا معاذ بن جبل، وكان بعثه النبي فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إني رسول رسول الله إليكم: "أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وأن تطيعوني لا آلوكم خيرًا، وإن المصير إلى الله، وإلى الجنة أو إلى النار، إقامة فلا ظعن وخلود فلا موت (٦).

وقوله: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا﴾، أي: إن حَرَصا عليك كل الحرص على أن تتابعهما على دينهما، فلا تقبل منهما ذلك، ولا يمنعنَّك ذلك من أن تصاحبهما في الدنيا معروفًا، أي: محسنًا إليهما، ﴿وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ﴾، يعني المؤمنين، ﴿ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.

قال الطبراني في "كتاب العشرة": حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أحمد بن أيوب بن راشد، حدثنا مسلمة بن علقمة، عن داود بن أبي هند، أن سعد بن مالك قال: أنزلت فيَّ هذه الآية: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا﴾ الآية، قال: كنت رجلًا برًّا بأمي، فلما أسلمت قالت: يا سعد، ما هذا الذي أراك قد أحدثت؟ لتَدَعَنَّ دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت، فتُعَيَّر بي، فيقال: "يا قاتل أمه". فقلت: لا تفعلي يا أمّه، فإني لا أدع ديني هذا لشيء. فمكثت يومًا وليلة لم تأكل فأصبحت قد جهدت، فمكثت يومًا وليلة أخرى لا تأكل، فأصبحت قد اشتد جهدها، فلما رأيت ذلك قلت: يا أمّه، تعلمين والله لو كانت لك مائة نفس فخرَجت نَفْسًا نَفْسًا، ما تركت ديني هذا لشيء، فإن شئت فكلي، وإن شئت لا تأكلي، فأكلت (٧).


(٦) - صحيح إلى معاذ بن جبل، وأبو إسحاق، وهو السبيعي، مدلس وقد عنعن، ولكن وجدت هذا الخبر من وجه آخر عن معاذ بن جبل بنحوه، وفيه بعض الزيادات، أخرجه ابن عساكر في تاريخه (١٦/ ٦٢١) ضمن ترجمة معاذ بن جبل من طريق جابر بن يزيد الجعفي عن خالته به، وأصل قصة بعث النبي معاذ بن جبل إلى اليمن في الصحيحين وغيرهما تتضمن أصل هذه الوصية.
(٧) - سبق تخريج هذا الخبر من غير هذا الوجه عند الآية رقم (٨) من سورة العنكبوت، وهو في صحيح مسلم وغيره، والحديث أخرجه الواحدي في أسباب النزول في سورة العنكبوت الآية رقم (٨) من طريق مسلمة بن علقمة عن داود بن أبي هند بهذا الإسناد، ونسبه السيوطي في الدر المنثور لأبي يعلى، والطبراني، وابن مردويه، وابن عساكر.