للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿أفلا تعقلون [١]﴾ أي: أفلا يعقل من يقدم الدنيا على الآخرة.

وقوله: ﴿أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٦١)﴾.

يقول: أفمن هو مؤمن مصدق بما وعده الله علي صالح أعماله من الثواب الذي هو صائر إليه لا محالة، كمن هو كافر مكذب بلقاء الله ووعده ووعيده، فهو ممتع في الحياة الدنيا أيامًا قلائل، ﴿ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾، قال مجاهد، وقتادة: من المعذبين.

ثم قد قيل: إنها نزلت في رسول الله- وفي أبي جهل. وقيل: في حمزة، وعليّ، وأبي جهل، وكلاهما عن مجاهد. والظاهر أنها عامة، وهذا كقوله تعالى إخبارًا عن ذلك المؤمن حين أشرف علي صاحبه، وهو في الدرجات وذاك في الدركات: ﴿ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين﴾ وقال تعالى: ﴿ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون﴾.

﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَينَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٦٢) قَال الَّذِينَ حَقَّ عَلَيهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَينَا أَغْوَينَاهُمْ كَمَا غَوَينَا تَبَرَّأْنَا إِلَيكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (٦٣) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ (٦٤) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (٦٥) فَعَمِيَتْ عَلَيهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (٦٦) فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (٦٧)

يقول تعالى مخبرًا [٢] عما يوبخ به الكفار المشركين يوم القيامة، حيث يناديهم فيقول: ﴿أَينَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ يعني: أين الآلهة التي كنتم تعبدونها في الدار الدنيا، من الأصنام والأنداد، هل ينصرونكم أو ينتصرون؟ وهذا علي سبيل التقريع والتهديد؛ كما قال: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَينَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٩٤)﴾.


[١]- في ز، خ: "يعقلون".
[٢]- سقط من: خ، ز.