للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ﴾ وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [١] مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا﴾ وقال: ﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣)﴾.

قال سعيد بن جبير: نزلت في سبعين من القسيسين بعثهم النجاشي، فلما قدموا علي النبي قرأ عليهم: ﴿يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢)﴾، حتى ختمها، فجعلوا بيكون وأسلموا ونزلت فيهم هذه الآية الأخرى: ﴿الَّذِينَ آتَينَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (٥٣)﴾، يعني: من قبل هذا القرآن كنا مسلمين، أي [٢]: موحدين مخلصين مستجيبين له.

قال الله: ﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَينِ بِمَا صَبَرُوا﴾، أي: هؤلاء المتصفون بهذه الصفة الذين آمنوا بالكتاب الأول ثم بالثاني، ولهذا قال: ﴿بِمَا صَبَرُوا﴾، أي: علي اتباع الحق؛ فإن تجشم مثل هذا شديد علي النفوس. وقد ورد في الصحيحين من حديث عامر الشعبي، عن أبي بُرْدَةَ، عن أبي مرسي الأشعري قال: قال: رسول الله- : "ثَلاثة يُؤتَون أجْرَهُم مَرّتَين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه ثم آمن بي، وعبد مملوك أدي حق الله وحق مواليه، ورَجُل [كانت] [٣] [له] [٤] أمة فأدبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها فتزوجها" (٢٦).

وقال الإِمام أحمد: حدثنا يحيى بن إسحاق السِّيلَحيني، حدثنا ابن لَهيعة، عن سليمان بن عبد الرحمن، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: إني لتَحْتَ راحلة رسول الله- يوم الفتح، فقال قولًا حسنًا جميلًا وقال فيما قال: "من أسلم من أهل الكتابين فله أجره مرتين، وله ما لنا وعليه ما علينا، [ومن أسلم من المشركين، فله أجره وله ما لنا وعليه ما علينا] [٥] " (٢٧).

وقوله ﴿وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾، أي: لا يقابلون السيئ [٦] بمثله، ولكن يعفون ويصفحون؛ ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ أي: ومن الذي رزقهم من الحلال ينفقون [٧] علي خَلْق


(٢٦) صحيح البخاري برقم (٩٧)، وصحيح مسلم برقم (١٥٤).
(٢٧) المسند (٥/ ٢٥٩).