للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا رواه ابن جرير (٢٢)، وابن أبي حاتم، من حديث جماعة، عن حمزة -وهو ابن حبيب الزيات- عن الأعمش. ورواه ابن جرير من حديث وكيع ويحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن علي بن مدرك، عن أبي زرعة- وهو ابن عمرو بن جرير- أنه قال ذلك من كلامه، والله أعلم.

وقال مقاتل بن حيان: ﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَينَا﴾: أمتك في أصلاب آبائهم أن يؤمنوا بك إذا بعثت.

وقال قتادة: ﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَينَا﴾: موسى. وهذا -والله أعلم- أشبه بقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَينَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ﴾.

ثم أخبر هاهنا بصيغة [١]- أخرى أخص من ذلك وهو النداء كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى﴾ وقال: ﴿إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾ وقال: ﴿وَنَادَينَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (٥٢)﴾.

وقوله: ﴿ولكن رحمة من ربك﴾، أي: ما كنت مشاهدًا لشيء من ذلك، ولكن الله أوحاه إليك وأخبرك به، رحمة منه لك وبالعباد بإرسالك إليهم، ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾، أي: لعلهم يهتدون بما جئتهم به من الله ﷿. ﴿وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَينَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧)﴾، أي: وأرسلناك إليهم لتقيم عليهم الحجة ولتقطع عذرهم إذا [٢] جاءهم عذاب من الله بكفرهم، فيحتجوا بأنهم لم يأتهم رسول ولا نذير؛ كما قال تعالى بعد ذكره إنزال كتابه المبارك وهو القرآن: ﴿أَنْ تَقُولُوا [٣] إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَينِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (١٥٦) أَوْ تَقُولُوا [٤] لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَينَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ﴾، وقال: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ وقال تعالى: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ (١٩)﴾ والآيات في هذا [٥] كثيرة.

﴿فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ


(٢٢) تفسير الطبري (٢٠/ ٥١) والذي فيه من طريق سفيان ويحيى بن عيسى.