للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غاب [علمهم في الآخرة] [١]. وقال قتادة: ﴿بَلِ ادَّارَكَ [٢] عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾، يعني: بجهلهم ربهم، يقول: لم ينفذ لهم الي الآخرة علم. هذا قول.

وقال ابن جريج: عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس: ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾، حين لم ينفع العلم. وبه قال عطاء الخراساني، والسدي: أن علمهم إنما يُدرك ويُكْمل يوم القيامة حيث لا ينفعهم ذلك، كما قال تعالى: ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾.

وقال سفيان: عن [٣] عمرو بن عبيد، عن الحسن: إنه كان يقرأ: ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ [٤]﴾ قال: اضمحل علمهم في الدنيا حين عاينوا الآخرة.

وقوله: ﴿بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا﴾، عائد على الجنس، والمراد: الكافرون، كما قال تعالى: ﴿وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا﴾، أي: الكافرون منكم. وهكذ، قال هاهنا: ﴿بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا﴾، أي: شاكون في وجودها ووقوعها، ﴿بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ﴾، أي: في عماية وجهل كبير في أمرها وشأنها.

﴿وَقَال الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ (٦٧) لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إلا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٦٩) وَلَا تَحْزَنْ عَلَيهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (٧٠)

يقول تعالى مخبرًا عن منكري البعث من المشركين: إنهم استبعدوا إعادة الأجساد بعد صيرورتها عظامًا [ورفائا] [٥] وترابًا، ثم قال: ﴿لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ﴾ أي: ما زلنا نسمع بهذا نحن وآباؤنا، ولا نرى له حقيقة ولا وقوعًا.

وقولهم: ﴿إِنْ هَذَا إلا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ يعنون: ما هذا الوعد بإعادة الأبدان ﴿إلا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾، أي: أخذه قوم عمن قبلهم، مَن قبلهم يتلقاه بعضهم [٦] عن بعض، وليس له حقيقة. قال الله تعالى مجيبًا لهم عما ظنوه من الكفر وعدم المعاد: ﴿قُلْ﴾ - يا


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.
[٢]- في ز: "أدرك".
[٣]- في ز، خ: "بن".
[٤]- في ت: "علمه".
[٥]- في ز، خ: "رفاتا".
[٦]- في م: "بعض".