للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشياطين: هذا هَين، أجْر الخيلَ ثم خذ عرقها، ثم املأ منه الآنية. قال: فأمر بالخيل فأجريَت، ثم أخذ عرقها فملأ منه الآنية.

قال: وسألت عن لون الله ﷿ قال: فوثب سليمان عن سريره، فخرَّ ساجدًا، فقال: يا رب، لقد سَألَتْني عن أمر [١] إنه يتكايد [] [٢] في قلبي أن أذكره لك. قال: ارجع فقد كَفَيتكهم. قال: فرجع إلى سريره فقال: ما سألت عنه؟ قالت: ما سألتك إلا عن الماء. فقال لجنوده: ما سألت عنه؟ فقالوا: ما سألتك إلا عن الماء. قال: ونَشوه كلّهم.

قال: وقالت الشياطين لسُلَيمان: تريدُ أن تتخذها لنفسك؟ فإن اتخذها لنفسه ثم ولد بينهما ولد، لم ننفك من عبوديته. قال: فجعلوا صرحًا ممردًا من قوراير، فيه السمك. قال: فقيل لها: ادخلي الصرح. فلما رأته حسبته لجة، وكشفت عن ساقيها، فإذا هي شَعْرَاء. فقال سليمان: هذا قبيح، ما يذهبه؟ فقالوا: تذهبه المواسى. فقال: أثر المواسي [٣] قبيح! قال: فجعلت الشياطين النَّورَة. قال: فهو أول من جُعلت له النَّورة.

ثم قال أَبو بكر بن أبي شيبة: ما أحسنه من حديث!

قلت: بل [٤] هو منكر غريب جدًّا، ولعله من أوهام عطاء بن السائب على ابن عبَّاس، والله أعلم. والأقرب في مثل هذه السياقات أنَّها متلقاة عن أهل الكتاب، مما يوجد في صحفهم، كروايات كعب ووهب - سامحهما الله تعالى - فيما نقلا إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل، من الأوابد والغرائب والعجائب، مما كان وما لم يكن، ومما حرف وبدل ونسخ. وقد أغنى [٥] الله - سبحانه - عن ذلك بما هو أصح منه وأنفع وأوضح وأبلغ، ولله الحمد والمنة.

أصل الصرح في كلام العرب: هو القصر، وكل بناء مرتفع، قال الله إخبارًا عن فرعون - لعنه الله - أنَّه قال لوزيره هامان: (﴿ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَه مُوسَى﴾ الآية. والصرح: قصر في اليمن عالى البناء: والممرد أي: المبنيّ بناء محكمًا أملس ﴿مِنْ قَوَارِيرَ﴾ أي: زجاج. وتمريد البناء: تمليسه. ومارد: حصن بدومة الجندل.

والغرض أن سليمان اتخذ قصرًا عظيمًا منيفًا من زجاج لهذه الملكة، ليريها


[١]- سقط من: خ، ز.
[٢]- ما بين المعكوفتين في ت: "أي يتعاظم". وليست هذه العبارة من صلب الكتاب، و إنما نقلت من هامش المخطوط.
[٣]- في: "الموسى".
[٤]- سقط من: ز، خ.
[٥]- في ت: "أغنانا".