للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ﴾.

[قال] [١] ابن عبَّاس: نزع عنه فصوصه ومرافقه. وقال مجاهد: أمر به فغُيَّر، ما كان أحمر جُعل أصفر، وما كان أصفر جُعل أحمر، وما كان أخضر جُعل أحمر، غيَّرَ كل شيء عن حاله. وقال عكرمة: [زادوا] [٢] فيه ونقصوا.

[وقال قَتَادة: جعل أسفله أعلاه ومقدمه مؤخره، وزادوا فيه ونقصوا] [٣].

﴿فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ﴾ أي: عرض عليها عرشها [٤]، وقد غُيَّر ونُكَّر، وزيد فيه ونقص منه [٥] فكان فيها ثبات وعقل، ولها لُبّ ودهاء وحزم، فلم تقدم على أنَّه هو لبعد مسافته عنها، ولا أنَّه غيره، لما رأت من آثاره وصفاته، وإن غير وبدل ونكر، فقالت: ﴿كَأَنَّهُ هُوَ﴾ أي [٦]: يشبهه ويقاربه. وهذا غاية في الدهاء والحزم.

وقوله: ﴿وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ﴾ قال مجاهد: سليمان يقوله.

وقوله: ﴿وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾ هذا من تمام كلام سليمان في قول مجاهد، وسعيد بن جبير -رحمهمَا الله -أي: قال سليمان: ﴿وَ [٧] أُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ﴾، وهي كانت قد صدها، أي: منعها من عبادة الله وحده ﴿كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾. وهذا الذي قاله مجاهد وسعيد - حَسَن، وقاله ابن جرير أيضًا.

ثم قال ابن جرير: ويحتمل أن يكرن في قوله: ﴿وَصَدَّهَا﴾، ضمير يعود إلى سليمان، أو إلى الله ﷿، تقدره: ومنعها ﴿مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾. أي: صدها عن عبادة [غير الله] [٨] ﴿إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾.

قلت: ويؤيد قول مجاهد: أنَّها إنما أظهرت الإسلام بعد دخولها إلى الصرح كما سيأتي.

وقوله: ﴿قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيهَا﴾، وذلك أن سليمان أمر الشياطين فبنوا له قصرًا عظيمًا من قوارير، أي: من زجاج، وأجرى تحته الماء، فالذي لا يعرف أمره يحسب أنَّه ماء، ولكن الزجاج يحول بين الماء وبينه، واختلفوا في السبب الذي دعا سليمان إلى اتخاذه، فقيل: إنه لما عزم على تَزْويجِها واصطفاها لنفسه، ذكر له جمالها وحسنها، ولكن في ساقيها هُلْبٌ (*) عظيم،


[١]- في ت: "وقال".
[٢]- في ت: "وزادوا".
[٣]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.
[٤]- سقط من: ز، خ.
[٥]- سقط من: خ، ز.
[٦]- سقط من: خ، ز.
[٧]- سقط من: ز، خ.
[٨]- ما بين المعكوفتين في ز: "الله غير".
(*) الهُلْبُ: ما غَلُظَ وصُلب من الشَّعر.