للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: "إني أعلم آية [١] لم تنزل [٢] على نبيٍّ قبلي بعد سليمان بن داود". قال: قلت: يا رسول الله، أيّ آية؟ قال: "سأعلمكها [٣] قبل أن أخرج من المسجد". قال: فانتهى إلى الباب، فأخرج إحدى قدميه، فقلت: نسيَ، ثم التفت إليَّ فقال [٤]: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ (٩). هذا حديث غريب وإسناده ضعيف.

وقال ميمون بن مهران: كان رسول الله يكتب: باسمك اللهم، حتى نزلت هذه الآية، فكتب: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾.

وقوله: ﴿أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ﴾، يقول قتادة: لا تجبروا علي [٥]، وأتوني مسلمين.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لا تمتنعوا ولا تتكبروا عليَّ ﴿وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ قال ابن عبَّاس: موحدين. وقال غيره: مخلصين. وقال سفيان بن عيينة: طائعين.

﴿قَالتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (٣٢) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (٣٣) قَالتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (٣٤) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (٣٥)

لما قرأت عليهم كتاب سليمان استشارتهم في أمرها، وما قد نزل بها؛ ولهذا قالت: ﴿قَالتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ﴾ أي: حتَّى تحضرون وتشيرون. ﴿قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾ أي: مَتُّوا [٦] إليها بعَدَدهم وعُدَدهم وقوتهم، ثم فوضوا إليها بعد ذلك الأمر فقالوا: ﴿وَالْأَمْرُ إِلَيكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ﴾ أي: نحن ليس لنا عاقة، [ولا بنا بأس. إن شئت أن تقصديه وتحاربيه، فما لنا عاقة] [٧] عنه، وبعد هذا فالأمر إليك، مري فينا برأيك نمتثله ونطعه [٨].

قال الحسن البصري : فوضوا أمرهم إلى عِلْجَةٍ (*) يضطرب ثدياها، فلما قالوا لها ما قالوا، كانت هي أحزمَ رأيًا منهم، وأعلم بأمر سليمان، وأنه لا قبل لها بجنوده


(٩) ورواه أَبو نعيم في تاريخ أصفهان (٢/ ١٨٧) من طريق الحسين بن حفص عن أبي يوسف به.