السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (٢٤) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ﴾ [١] أي: لا يعرفون سبيل الحق التي هي إخلاص السجود لله وحده دون ما خلق من شيء من الكواكب وغيرها، كما قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾، وقرأ بعض القراء (ألا يا اسجدوا لله)(*) جعلها: "ألا" الاستفتاحية، و"يا" النداء [٢]، وحذف المنادى، تقديره عنده:"ألا ياقوم، اسجدوا لله".
وقوله: ﴿الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عبَّاس: يعلم كل خبيئة في السماء والأرض. وكذا قال عكرمة، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وقَتَادة، وغير واحد.
وقال سعيد بن المسيب: الخَبْء: الماء. وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: خبء السموات والأرض: ما جعل فيها من الأرزاق؛ المطر من السماء، والنبات من الأرض. وهذا مناسب من كلام الهدهد، الذي جعل الله فيه من الخاصية ما ذكره ابن عبَّاس وغيره، من [٣] أنه يرى الماء يجري في تخوم الأرض ودواخلها.
وقوله: ﴿وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ [٤]﴾ أي: يعلم ما يخفيه العباد، وما يعلنونه من الأقوال والأفعال؛ وهذا كقوله تعالى: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾.
وقوله: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ أي: هو المدعو الله، وهو الذي لا إله إلَّا هو رب العرش العظيم، الذي ليس في المخلوقات أعظم منه.
ولما كان الهدهد داعيًا إلى الخير، وعبادة الله وحده والسجود له، نهي عن قتله، كما رواه الإمام أحمد وأَبو داود وابن ماجة، عن أبي هريرة ﵁ قال: نهى النبي ﷺ عن قتل أربع من الدواب: النملة، والنحلة، والهدهد، والصُّرَد. وإسناده صحيح (٨).
(٨) لم يروه من حديث أبي هريرة إلَّا ابن ماجة حديث (٣٢٢٣) بلفظ: "نهى رسول الله - صلى =