للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٩٠) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ أي: العزيز في انتقامه من الكافرين، الرحيم بعباده المؤمنين.

﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥)

يقول تعالى مخبرًا عن الكتاب الذي أنزله على عبده ورسوله محمد : ﴿وإنه﴾، أي: القرآن الذي تقدم ذكره في أول السورة في قوله: ﴿وما يأتيهم من ذكر من الرحمن [١] محدث﴾، ﴿لتنزيل رب العالمين﴾ أي: أنزله الله عليك وأوحاه إليك، ﴿نزل به الروح الأمين﴾، وهو جبريل ، قاله غير واحد من السلف: ابن عباس، ومحمد بن كعب، وقتادة، وعية العوفي، والسدي، والضحاك، والزهري، وابن جريج، وهذا ما لا نزاع فيه.

قال الزهريّ: وهذه كقوله: ﴿قل من كان عدوًّا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله﴾ الآية.

وقال مجاهد: من كلمه الروح الأمين لا تأكله الأرض.

[﴿عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾، أي: نزل به ملك كريم أمين، ذو مكانة عند الله، مطاع في الملأ الأعلى، ﴿على قلبك﴾ يا محمد، سالمًا من الدنس والزيادة والنقص] [٢]؛ ﴿لتكون من المنذرين﴾، أي: لتنذر به بأس الله ونقمته على من خالفه وكذبه، وتبشر به المؤمنين المتبعين له.

وقوله: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾، أي: هذا القرآن الذي أنزلناه إليك [أنزلناه] [٣] بلسانك العربي الفصيح الكامل الشامل، ليكون بيِّنًا واضحًا ظاهرًا، قاطعًا للعذر، مقيمًا للحجة، دليلًا إلى المحجة.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن أبي بكر العَتَكِي، حدثنا عباد بن عباد المُهلبي، عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه؛ قال: بينما رسول الله مع أصحابه في يوم دجن (*) إذ قال لهم: "كيف ترون بواسقها (**)؟ ". قالوا: ما


[١]- في ز، خ: "ربهم".
[٢]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز
[٣]- ما بين المعكوفتين سقط من: ت.
(*) الدجن: إلباس الغيم الأرض وأقطار السماء. ويقال: يومُ دجن، ويومٌ دجنٌ.
(**) قال ابن الأثير: أي: ما استطال من فروعها.