للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإمام مالك وأحمد بن حنبل، وأهل السنن أن النبي قال في الهرة: "إنها ليست بنجسة؛ إنها من الطوافين عليكم والطوافات" (١٩٠).

ولما كانت هذه الآية محكمة ولم تنسخ بشيء، وكان عمل الناس بها قليلًا جدًّا، أنكر عبد الله بن عباس ذلك على الناس، كما قال ابن أبي حاتم:

حَدَّثَنَا أبو زرعة، حَدَّثَنَا يحيى بن عبد الله بن بكير، حدثني عبد الله بن لهيعة، حدثني عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير؛ قال: قال ابن عباس: ترك الناس ثلاث آيات فلم يعملوا بهن: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ﴾ إلى آخر الآية، والآية التي في سورة النساء ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى [وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ] [١]﴾، والآية التي في الحجرات: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾.

وروى أيضًا من حديث إسماعيل بن مسلم -وهو ضعيف- عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، قال: غلب الشيطان الناس على ثلاث آيات فلم يعملوا بهن ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيمَانُكُمْ﴾ إلى آخر الآية.

وروى [٢] أبو داود، حَدَّثَنَا ابن الصباح بن [٣] سفيان وابن عبدة -وهذا حديثه- أخبرنا سفيان، عن [٤] عبيد الله بن أبي يزيد، سمع ابن عباس يقول: لم يؤمن بها أكثر الناس آية الإذن، وإني لآمر جاريتي هذه تستأذن عليّ. قال أبو داود: وكذلك رواه عطاء عن ابن عباس يأمر به (١٩١).

وقال الثوري، عن موسى بن أبي عائشة، سألت الشعبي: ﴿لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيمَانُكُمْ﴾؟ قال: لم تنسخ. قلت: فإن الناس لا يعملون بها. فقال: الله المستعان.


(١٩٠) الموطأ (١/ ٢٣)، ورواه أحمد في المسند (٥/ ٢٩٦) (٢٢٦٣٠) وأبو داود في كتاب الطهارة، باب: في سؤر الهرة (١/ ٢٠ / رقم: ٧٥). والترمذي في كتاب الطهارة، باب: ما جاء في سؤر الهرة (١/ ١٥٣، ١٥٤ / رقم: ٩٢). وقال: هذا حيث حسن صحيح. والنسائي في كتاب الطهارة، باب: سؤر الهرة (١/ ٥٥ / رقم: ٦٨). وكتاب المياه، باب: سؤر الهرة (١/ ١٧٨ / رقم: ٣٤٠). وابن ماجة في كتاب الطهارة، باب: الوضوء بسؤر الهرة والرخصة في ذلك (١/ ٣١ / رقم: ٣٦٧). وابن خزيمة في صحيحه (٥٥ / رقم: ١٠٤). كلهم من طريق مالك بن أنس به.
(١٩١) سنن أبي داود، كتاب الأدب حديث (٥١٩١).