للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْفُسُهُمْ] [١]﴾ إلى آخر الآية، قال: فدعاه النبي ؛ فقال: "اشهد بالله إنك لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا" فشهد بذلك أربع شهادات، ثم قال له في الخامسة: "ولعنة اللَّه عليك إن كنت من الكاذبين فيما رميها به من الزنا"، ففعل ثم دعاها [٢] رسول اللَّه فقال: "قومي فاشهدي بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماك به من الزنا" فشهدت بذلك أربع شهادات، ثم قال لها في الخامسة: "وغضب اللَّه عليك إن كان من الصادقين فيما رماك به من الزنا" قال [٣]: فلما [كان في] [٤] الرابعة أو الخامسة سكتت سكتة حتى ظنوا أنها ستعترف، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت على القول، ففرق رسول اللَّه بينهما وقال: "انظروه، فإن جاءت به جعدًا حمش الساقين فهو لشريك بن سحماء، وإن جاءت به أبيض سبطًا [] [٥] قضئ (*) العينين فهو لهلال بن أمية" فجاءت به آدم [٦] جعدًا حمش [٧] الساقين، فقال رسول اللَّه : "لولا ما نزل فيهما من كتاب اللَّه لكان لي ولها شأن".

﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾

هذه العشر الآيات كلها نزلت في شأن عائشة أم المؤمنين حين رماها أهل الإفك والبهتان من المنافقين بما قالوه من الكذب البحت، والفرية التي غار اللَّه ﷿ لها ولنبيه ، فأنزل اللَّه تعالى براءتها صيانة لعرض رسول اللَّه : فقال تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ﴾ أي: جماعة منكم -يعني: ما هو واحد ولا اثنان بل جماعة، فكان المقدم في هذه اللعنة: عبد اللَّه بن أبيّ بن سلول رأس المنافقين، فإنه كان يجمعه ويستوشيه، حتى دخل ذلك في أذهان بعض المسلمين، فتكلموا به وجوزه آخرون منهم، وبقي الأمر كذلك قريبًا من شهر حتى نزل القرآن، وسياق [٨] ذلك في الأحاديث الصحيحة.

وقال الإِمام أحمد (٣٧): حَدَّثَنَا عبد الرزاق، حَدَّثَنَا معمر، عن الزهري قال: أخبرني سعيد


(*) أي فاسد العين. وهو من قَضِئَ الثوبُ يقضأ فهو قضئ: إذا تقزَّر وتشقق. النهاية (٤/ ٧٦).
(٣٧) - المسند (٦/ ١٩٤ - ١٩٧) (٢٥٧٣١).