للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٧) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (٨) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (١٠)

هذه الآية الكريمة فيها فرج للأزواج، وزيادة مخرج إذا قذف أحدهم زوجته وتعسر عليه إقامة البينة أن يلاعنها كما أمر الله ﷿ وهو أن يحضرها إلى الإِمام فيدعي عليها بما رماها به، فيحلفه الحاكم أربع شهادات بالله في مقابلة أربعة شهداء، إنه لمن الصادقين، أي: فيما رماها به من الزنا ﴿وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ فإذا قال ذلك بانت منه بنفس هذا اللعان عند الشافعي [١] وطائفة كثيرة من العلماء، وحرمت عليه أبدًا، ويعطيها مهرها ويتوجه عليها حد الزنا، ولا يدرأ عنها العذاب [٢] إلا أن تلاعن فتشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، أي: فيما رماها به ﴿وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ ولهذا قال ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ﴾ يعني: الحد ﴿أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (٨) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ فخصها بالغضب [كما] أن الغالب أن الرجل لا يتجشم [٣] فضيحة أهله ورميها بالزنا، إلا وهو صادق معذور، وهي تعلم صدقه فيما رماها به، ولهذا كانت الخامسة في حقها أن غضب الله عليها، والمغضوب عليه هو الذي يعلم الحق ثم يحيد عنه.

ثم ذكر تعالى [لطفه بخلقه ورأفته بهم وشرعه لهم] الفرج والمخرج من شدة ما يكون بهم من الضيق، فقال تعالى: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ﴾ أي: لحرجتم [٤] ولشق عليكم كثير من أموركم ﴿وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ﴾ [] [٥]: على عباده، وإن كان [] [٦] بعد الحلف والأيمان المغلظة ﴿حكيم﴾ فيما يشرعه، ويأمر به وفيما ينهى عنه، وقد وردت الأحاديث بمقتضى العمل بهذه الآية، وذكر سبب نزولها وفيمن نزلت فيه [٧] من الصحابة.

قال الإِمام أحمد (٢٥): حَدَّثَنَا يزيد، أخبرنا عباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما نزلت: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ


(٢٥) - رواه أحمد (١/ ٢٣٨).