سائلًا، وحكاه النسائي في سننه عن بعضم فقال: وقيل: سخية تعطى، وردّ هذا بأنه لو كان المراد لقال [١]: لا تردّ يد ملتمس، وقيل: المراد إن سجيتها لا ترد يد لامس، [لا أن][٢] المراد أن هذا واقع منها وأنها تفعل الفاحشة فإن رسول الله ﷺ لا يأذن في مصاحبة من هذه صفتها؛ فإن زوجها والحالة هذه يكون ديوثًا، وقد تقدم الوعيد على ذلك، ولكن لما كانت سجيتها هكذا ليس فيها ممانعة ولا مخالفة لمن أرادها لو خلا بها أحد، أمره [٣] رسول الله ﷺ بفراقها، فلما ذكر أنه يحبها أباح له البقاء معها، لأن محبته لها محفقة ووقوع [٤] الفاحشة منها متوهم [٥]، فلا يصار إلى الضرر العاجل، لتوهم الآجل، والله ﷾ أعلم.
قالوا: فأما إذا حصلت توبة فإنه يحل التزويج، كما قال الإِمام أبو محمد بن أبي حاتم ﵀: حَدَّثَنَا أبو سعيد الأشج، حَدَّثَنَا أبو خالد، عن ابن أبي ذئب قال: سمعت شعبة [٦]-مولى ابن عباس ﵁ قال: سمعت ابن عباس وسأله رجل فقال [٧] له: إني كنت ألم بامرأة آتى منها ما حرم الله ﷿ علي، فرزق الله ﷿ من ذلك توبة، فأردت أن أتزوجها، فقال أناس: إن الزاني لا ينكح إلا زانية [][٨]. فقال ابن عباس: ليس هذا في هذا، انكحها فما كان من إثم فعليَّ.
وقد ادعى طائفة آخرون من العلماء أن هذه الآية منسوخة.
قال ابن أبي حاتم: حَدَّثَنَا أبو سعيد الأشج، حَدَّثَنَا أبو خالد، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: ذكر عنده: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ﴾ قال: كان يقال: نسختها التي بعدها ﴿وأنكحوا الأيامى منكم﴾ قال: كان يقال: الأيامي من المسلمين.
و [٩] هكذا رواه الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب "الناسخ والمنسوخ" له، عن سعيد بن المسيب (٢٤).
ونص على ذلك أيضًا الإِمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ﵀.
(٢٤) - الناسخ والمنسوخ ص (١٠٠)، أثر (١٧١) وروى نحوه الشافعي في الأم (٥/ ١٢، ١٤٨) والبيهقي في الكبرى (٧/ ١٥٤).