للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تابوت، ثم تلقيه في اليم، فلما ولدت فعلت ذلك، فلما تواري عنها ابنها أتاها الشيطان، فقالت في نفسها: ما فعلت بابني؟! لو ذبح عندي فواريته وكفنته، كان أحب إليَّ من أن ألقيه إلى دواب البحر وحيتانه.

فانتهى الماء به حتى أوفى به عند فرضة [١] مستقي جواري إمرأة فوعون، فلما رأينه أخذنه، فهممن أن يفتحن التابوت، فقال بعضهم [٢]: إن في هذا مالًا، وإنا إن فتحناه لم تصدقنا امرأة الملك بما وجدنا فيه، فحملْنه كهيئته لم يخرجْن منه شيئًا حتى رفعنه إليها، فلما فتحته رأت فيه غلامًا، فألقي محبه منها محبة لم يُلْق [٣] منها علي أحد [٤] قط، وأصبح فؤاد أم موسى فارغًا من ذكر كل شيء، إلا من ذكر موسى.

فلما سمع الذباحون بأمره، أقبلوا بشفارهم إلي امرأة فرعون ليذبحوه -وذلك من الفتون يا بن جبير- فقالت لهم: أقروه، فإن هذا الواحد لا يزيد في بني إسرائيل، حتى آتي فرعون فأستوهبه منه، فإن وهبه لي [٥] كنتم قد أحسنتم وأجملتم، وإن أمر بذبحه لم أَلَمْكُم. فأتت فرعون فقالت: ﴿قُرَّتُ عَينٍ لِي وَلَكَ﴾ فقال فرعون: يكون لك، فأما لي فلا حاجة لي فيه [٦]. فقال رسول الله، : "والذي يُحْلَف به، لو أقر فرعون أن يكون قرة عين له، كما أقرت امرأته، لهداه الله كما هداها، ولكن حرمه ذلك".

فأرسلت إلى من حولها، إلي كل امرأة لها [لبن لتختار] [٧] [له ظئرًا] [٨] فجعل كلما أخذته امرأة منهن لترضعه لم يُقْبِل علي ثديها، حتى أشفقت امرأة فرعون أن يمتنع من اللبن فيموت، فأحزنها ذلك، فأمرت به فأخرج إلي السوق ومجمع الناس، ترجو أن تجد له ظئرًا تأخذه منها، فلم يقبل، وأصبحت أم موسى وَالِهًا، فقالت لأخته: قصي أثره واطلبيه، هل تسمعين له ذكرًا، أحيٌّ ابني أم قد أكلته الدواب؟ ونسيت ما كان الله وعدها فيه، فبصرت به أخته عن جنب وهم لا يشعرون- والجُنُب: أن يسمو بصر الإِنسان إلي شيء بعيد، وهو إلي جنبه [وهو] [٩] لا يشعر به - فقالت من الفرح حين أعياهم الظَّئورات: أنا أدلكم علي أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون. فأخذوها فقالوا: ما يدريك؟ ما نصحهم له [١٠]؟ هل يعرفونه؟ حتى شكوا في ذلك -وذلك من الفتون يا ابن جبير- فقالت: نصحهم له وشفقتهم عليه [١١] رغبتهم في صهر [١٢] الملك، ورجاء منفعة الملك.


[١]- فرضة النهر: مشرعته.
[٢]- في ت: "بعضهن".
[٣]- في ز: "يكن".
[٤]- في ز: "لأحد".
[٥]- في ز: "مني".
[٦]- سقط من ز.
[٧]- في ز: "لأن تختار".
[٨]- في ز: "لها ظئر".
[٩]- سقط من ز.
[١٠]- سقط من ز.
[١١]- سقط من ز.
[١٢]- في ز: "ظئورة".