للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله ﴿وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (٢٩) هَارُونَ أَخِي﴾ وهذا أيضًا سؤال من موسى في أمر خارجي عنه، وهو مساعدة أخيه هارون له.

قال الثَّوري عن أبي سعيد عن عكرمة عن ابن عبَّاس: أنَّه قال: فنبيء هارون [ساعة إذ نبيء] [١] موسى، .

وقال ابن أبي حاتم: ذكر عن ابن نمير، حدَّثنا أَبو أسامة، عن هشام بن عروة [٢]، عن أبيه، عن عائشة: أنَّها خرجت فيما كانت تعتمر، فنزلت ببعض الأعراب، فسمعت رجلًا يقول: أي أخ كان في الدنيا أنفع لأخيه؟ قالوا: ما ندري. قال: والله أنا أدري. قالت: فقلت في نفسي: في حَلِفِه لا يستثني، إنه ليعلم أي أخ في الدنيا كان أنفع لأخيه. قال: موسى حين سأل لأخيه النبوة. فقلت: صدق والله. قلت: وفي هذا قال الله تعالى في الثناء على موسى : ﴿وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا﴾.

وقوله: ﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾ قال مجاهد: ظهري. ﴿وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾ أي: في مشاورتي، ﴿كَي نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾ قال مجاهد: لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيرًا حتَّى يذكر الله قائمًا وقاعدًا ومضطجعًا.

وقوله: ﴿إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا﴾ أي: في اصطفائك لنا، وإعطائك إيانا النبوة، وبعثتك لنا إلى عدوك فرعون، فلك الحمد في ذلك.

﴿قَال قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى (٣٦) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيكَ مَرَّةً أُخْرَى (٣٧) إِذْ أَوْحَينَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (٣٨) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيتُ عَلَيكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَينِي (٣٩) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَي تَقَرَّ عَينُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّينَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا﴾

هذه إجابة من الله لرسوله موسى فيما سأل من ربه ﷿ وتذكير له بنعمه السالفة عليه، فيما كان ألهمَ أمه حين كانت توضعه، وتحذر عليه من فرعون وملئه أن يقتلوه؛ لأنه كان قد ولد في السنة التي يقتلون فيها الغلمان، فاتخذت له تابوتًا، فكانت توضعه ثم تضعه فيه، وتوسله في البحر -وهو النيل- وتمسكه إلى منزلها


[١]- في ت: "ساعتئذ".
[٢]- في ز: "عون".