للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أكثر من ثلاثمائة سنة. رواه ابن جرير (٢٥).

وقوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيهِمْ﴾، أي: كما أرقدناهم وأيقظناهم بهيئاتهم [١] أطلعنا عليهم أهل ذلك الزمان، ﴿لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَينَهُمْ أَمْرَهُمْ﴾، أي: في أمر القيامة، فمن مثبت لها ومن منكر، فجعل اللَّه ظهوهم على أصحاب الكهف حجة لهم وعليهم، ﴿فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ﴾، أي: سُدُّوا عليهم باب كهفهم وذَرُوهم [٢]، على حالهم، ﴿قَال الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيهِمْ مَسْجِدًا﴾.

حكى ابن جرير في القائلين ذلك قولين: أحدهما: أنهم المسلمون منهم.

والثاني: أهل الشرك منهم، فاللَّه أعلم.

والظاهر أن الذين [٣] قالوا ذلك هم أصحاب الكلمة والنفوذ، ولكن هل هم محمودون أم لا؟ فيه نظر؛ لأن النبي قال (٢٦): " لعن اللَّه اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد" بحذر ما فعلوا، وقد روينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه لما وجد قبر دانيال في زمانه بالعراق أمر أن يخفى عن الناس، وأن تدفن تلك الرقعة التي وجدوها عنده فيها شيء من الملاحم وغيرها.

﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إلا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إلا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (٢٢)


(٢٥) جز من أثر طويل رواه ابن جرير (١٥/ ٢١٦، ٢١٧) عن عكرمة.
(٢٦) أخرجه مسلم -كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: النهي عن بناء المساجد على القبور، واتخاذ الصور فيها، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد (٢٣) (٥٣٢). والنسائي في الكبرى - التفسير (٦/ ١١٢٣) مختصرًا من حديث جندب مرفوعًا " .... وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد … ". والحديث في صحيح البخاري دون ذكر "صالحيهم".
أخرجه البخاري -كتاب الصلاة، باب (٥٥) (٤٣٥، ٤٣٦). وللفظة "صالحيهم" شاهد أيضًا عند البخاري. من حديث عائشة أن أم سلمة ذكرت لرسول الله كنيسة رأتها بأرض الحبشة … فيها تصاوير فقال : "أولئك فوم إذا مات فيهم العبد الصالح أو الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا … ".