يقول تعالى لرسوله صلوات الله وسلامه عليه: قل لهم يا محمد: لو أنكم أيها الناس تملكون التصرف في خزائن الله لأمسكتم خشية الإنفاق.
قال ابن عباس وقتادة: أي. الفقر. أي: خشية أن تذهبوها مع أنها لا تفرغ ولا تنفد أبدًا؛ لأن هذا من طباعكم وسجاياكم؛ ولهذا قال: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا﴾، قال ابن عباس وقتادة: أي: بخيلا منوعًا. وقال الله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا﴾، أي: لو أن لهم نصيبًا من ملك الله لما أعطوا أحدًا شيئًا ولا مقدار نقير، والله تعالى بصف الإنسان من حيث هو إلا من وفقه الله [١] وهداه؛ فإن [٢] البخل [٣] والجزع والهلع [صفة له][٤] كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيرُ مَنُوعًا (٢١) إلا الْمُصَلِّينَ﴾ ولهذا نظائر كثيرة في القرآن العزيز، ويدل هذا على كرمه وجوده وإحسانه، وقد جاء في الصحيحين (٢٧٩): " يد الله ملأى، لا يغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه".
يخبر تعالى أنه بعث موسى بتسع آيات بينات [٥]، وهي الدلائل القاطعة علي صحة نبوته وصدقه فيما أخبر به عمن أرسله إلي فرعون، وهي: العصا، واليد، والسنين [٦]، والبحر،
(٢٧٩) - أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب التفسير، باب: وكان عرشه على الماء (٤٦٨٤). ومسلم في صحيحه -كتاب الزكاة، باب: الحث على النفقة وتبشير المنفق بالخلف (٣٦، ٣٧) (٩٣٣). والترمذي -كتاب التفسير، باب: ومن سورة المائدة (٣٠٤٥). وابن ماجة في المقدمة -باب: فيما أنكرت الجهمية (١٩٧). من طريقين عن أبي هريرة مرفوعًا.