للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الملائكة، لما استطاعوا مواجهته ولا الأخذ عنه، كما قال تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ [وقال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾، [١]، وقال تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (١٥١) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾؛ ولهذا قال ها هنا: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ﴾، أي: كما أنتم فيها، ﴿لَنَزَّلْنَا عَلَيهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا﴾ أي: من جنسهم، ولما كنتم أنتم بشرًا بعثنا فيكم رسولًا [٢] منكم لطفًا ورحمة.

﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَينِي وَبَينَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (٩٦)﴾.

يقول تعالى مرشدًا نبيه إلي الحجة علي قومه في صدق ما جاءهم به: إنه شاهد عليّ وعليكم، عالم بما جئتكم به [٣]؛ فلو كنت كاذبًا لانتقم [٤] مني أشد الانتقام، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَينَا بَعْضَ الْأَقَاويلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦)﴾.

وقوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا﴾ أي: عليم بهم، بمن يستحق الإنعام والإحسان والهداية، ممن يستحق الشقاء والإضلال والإزاغة؛ ولهذا قال:

﴿وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (٩٧)

يقول تعالى مخبرًا عن تصرفه في خلقه ونفوذ حكمه، وأنه لا معقب له بأنه من يهده فلا مضل له ﴿وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ﴾، أي: يهدونهم، كما قال: ﴿مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ [٥] وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا﴾.

وقوله: ﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ﴾ قال الإمام أحمد (٢٧٦): حدثنا ابن


(٢٧٦) - والحديث صحيح، أخرجه أحمد (٣/ ١٦٧). قلت: ونفيع هذا ابن الحارث، أبو داود الأعمي، متروك وكذبه ابن معين كما في التقريب لكن للحديث طريق آخر عن أنس صحيح وهو الآتي.